محمد مهران يكتب.. المرأة في المنظور الصوفي
هذا المخلوق الذي أتى من الخلق الإلهي النوراني المفعم باللغز والحيرة المتقلب بين العنصر المائي والترابي والهوائي والناري، ولكن خلق ليس كأي خلق.
بل خلق له من الاستدلال الفتان لجمال الله في صنعته المملوءة بالتجليات لعامل الفناء والتفاني كما يقولوا العشق الدنيوي له طريق في العشق والحب الإلهي لما لا .
وهو اختيار الله بعلمه السابق في وجود هذه المرأة، الذي أخرجها الله من ضلع آدم عليه السلام حتى تؤنسه ، وكانت المرأة هي الأم الحقيقية للولد بدون شك كما يقولون الرحم أصدق.
فكثيرًا ما يصرح مولانا جلال الدين الرومي بأن ليس كل مخلوق بشري قادرا على فهم حقيقة المرأة التي هي سر من أسرار الله، فالذي يقدر في نظره على فهم هذه الحقيقة وجوهرها هو الذي يستحق أن يكون إنسانا على الحقيقة .
معظم الخلق نظر لتلك المخلوق بأنه جسد مادي لاغير لكن في نظر أهل الله الصورة مختلفة تماما وكأن لها طاقة خلاقة مؤثرة وملهمة.
وعلى الحقيقة وفي الأجواء المادية والميدانية المجتمعية لا أحد يختلف أو يستطيع أن ينكر بعطاء المرأه في شتي ومختلف الأمور من رعاية لبيتها وابنائها وغير ذلك من الجوانب الحياتيه لكن نحن بصدد الروح الجوهري الذي جعل أساطين التصوف والعرفان كالإمام محي الدين بن عربي يتكلم كثيرا عن أمه الصالحه واسمها نور وعن شيخته المسنه فاطمه بنت المثني وكانت تقول لأمه يا نور هذا ولدي وهو أبوك فبًريه ولا تعقًيه وكانت تقصد المقام الروحي .
أيضا المرأة المحبوبة في نظرة النظام بنت الشيخ مكين بن زاهر بن رستم الأصفهاني الذي فجرت فيه الطاقه الشعرية والموهبة التي تجلت في كتابه ترجمان الأشواق سواء كان يُكني بها أي لرمز معين من التجلي فتضيق العبارة عليه أو كانت هي المقصودة بعينها الشاهد من الأمر انها كانت محطه وقاطره عبرت بالإمام محي الدين بن عربي لمنطقة متجددة ومفردات جزله متدفقة تفجرت من بين جوانبه أدت في النفس الالهامي صورة تنوعت عن أجناس المعروف لدي الجميع وصبغت العبارة بألفاظ جزله يكسوها النور المتدفق من الفيض الإلهي العرفاني المؤيد من حضرة الحق فكان أنموذجا عفيفا شفافا كما تكلم رحمه الله عن بنته زينب الذي أوتيت الصلاح والكرامه في عهد صغير كما تكلم عن شيخته شمس التي كانت من العابدات العاليات فكان من أصناف العباده لا يقدر عليه الرجال والشيخه زينب القلعية التالية لكتاب الله فكانت من أهل الله وخاصته.
نجد في الخطاب والنظر الصوفي للمرأة بأنها طاقه نورانية متجددة لها عزم وحسم ونور يتخلخل في الروح المقابله تصل بالرجال لحالات متقدمه في المعراج العرفاني الصوفي في علوم الحقيقه وكأنها ترغم من أمامها للانفعال النفسي والروحي لمشاهدة الحق سبحانه وتعالي في الكون الفسيح لأنها صوره ومظهر من مظاهر الجمال خلقه الله وأبداه لعلل وليس علة واحده ولو لم يكن هذا ما كان خلق الله حواء وآدم في جنته بمعنى أنه في جنة الله لا ينقصه شئ ولكن أوجدها الله منه لتحن إلى أصلها ويحن هو لجزء نقص منه فالغاية كانت أُنسا وتعرف على الحق سبحانه.
لأنه ما أوجد شئ في الكون إلا ويدل عليه ويسبحه وكاد أن ينطق ويقول أعلم أيها الإنسان لابد معرفة المناسبه بيني وبينك لتواصلنا بربنا.
أقصد هنا الانسجام الكوني بين مخلوقاته فيبدو أن المرأه كان لها الحظ الوافر في عالم الروح والحقيقه وكما قالوا رُب إمرأة بألف رجل.
وللحديث بقية بإذن الله