إيمان جمعة تكتب .. أتحبون أن تشيع الفاحشة!!
علت الأصوات للدفاع عن الترويج للفاحشة بحجة الفن ورسالة الفن!
إذا كانت هذه الفواحش تُفعل فلا داعي لكشف الغطاء عنها وتسليط الضوء عليها أمام أنفسنا وأبناءنا.
زهدنا الفن ورسالته التي لطالما أتحفونا بها، وفي الواقع لم يكن للفن رسالة من البداية، فقد كانت وظيفته الترفيه بشكل أساسي.
خُدعنا لسنوات نتحدث عن رسالة الفن وأنه يجسد هوية المجتمعات، وبعد ما مضينا قُدما في العمر، اكتشفنا أن الفن برغم أن فيه من يُقدم رسالة حقيقية وهدف، إلا أن تلك الفئة ربما لا تتعدى الـ 5% أو أقل، وإسهامه كان في تشويه المجتمع وتعريته الذي لا داعي له ؛ فكان لها الدور الأكبر في زيادة مشاكل المجتمع.
والآن وللأسف الشديد.. لا نرى رسالة فيما يُقدم بأي شكل من الأشكال، أين القيمة التي أفادتنا من طريقة التحدث بـ – فظاظة وبجاحة ووقاحة – في الأفلام والمسلسلات؟
ماذا استفاد الكبير والصغير من التلميح بأن مثلي الجنسية هو الأفضل والأطيب والكيوت بين الحضور؟
والغريب أن هذه الصورة وجدت من يدافع عنها في مجتمعنا، بل واتهموا المجتمع السيء الأخلاق أصلاً بأنه يدفن رأسه في الرمل …وما المشكلة في تعرية هذه الأمور وتجسيدها في الأفلام!
ثم ماذا أفادتنا الدراما في تصوير الحياة بأكملها في صورة “خيانة”؛ خيانة بين الأزواج، وبين الأصدقاء، وبين الأهل، وحتى بين أفراد الأسرة الواحدة؟ لماذا أفقدنا المجتمع إحساسه بالأمان بين ذويه ومُحبيه؟
أوهمتنا الأعمال السينمائية والتليفزيونية أنها تجسد الواقع، وفي حقيقة الأمر هي من تخلق الواقع؛ هي من خلقت وجود لـ”الأسطورة” بصورته البلطجية في كل مكان داخل المجتمع، حتى ظهرت لنا صورة حارق أبيه والذي كان تقليدًا لمشهد في مسلسل، وقاتل أمه من أجل المال أيضاً في مسلسل، وهي من رفعت برقع الحياء عن المتحرش، وهي من صدَّرت وجود شخصية الخائن والخائنة في كل بيت حتى بات مجتمعنا يعاني من هذه المشاهد التي أصبحت حقيقة في يومٍ وليلة.
صوَّرت لنا كيف تقتل الزوجة زوجها، وكيف ينتقم الزوج من زوجته، وكيف يتم التحايل على القانون، وكيف تكون البجاحة والوقاحة في الرد على بعضنا البعض في الشارع وفي العمل وفي كل مكان.
يا سادة؛ نحن نعلم أن كل هذا المستنقع الأخلاقي كان موجودًا؛ نعم لا ننكر ذلك، لكن أن يكون موجودًا في الخفاء شيء، وأن تُشعِر المجتمع أن هذا أصبح “العادي” وتعرضه في القنوات التليفزيونية وفي السينمات وتعطي ذوي الأخلاق السيئة إحساسًا بأنهم ليسوا الوحيدون بشذوذ سلوكهم العفن والبلطجي في المجتمع بل هناك الكثيرين مثلهم؛ شيءٌ آخر.
منذ وقت مضى كان يُراعى التفاف الأسرة حول التليفزيون لمشاهدة مسلسل، فكان يتم انتقاء الألفاظ والمشاهد والملابس وطريقة وأدب الحوار وأسلوب الحوار، حتى أننا كنا نفهم المغزى دون تمثيل المشهد بشكل واضح وفج كما نراه اليوم.
بينما الآن لا مراعاة للأسر، ولا صغير ولا كبير، بل تجد الأبناء في أعمار الثانية عشر والثالثة عشر ربما يعلمون أشياء لا يعلمها والديهم، للأسف لم يراعي الفن المُبجل أخلاقيات المجتمع وأفراده، بل ساهم بحرفية ودقة شديدة في تدمير أساسيات تربيّنا عليها وتمنيّنا أن نُربي أبناءنا عليها أيضاً، ولكنه للأسف (ما تدعونه فن) لم يساعدنا.
إذا كان الفن رسالة كما كان في “ضمير أبلة حكمت”، وفي “يوميات ونيس”، و”أبو العلا البشري” وغيرهم، فأين هو الفن الآن يا سادة ؟