محمد مهران يكتب.. الماء يطهر الجسد والحب يطهر القلب
الماء يطهر الجسد والحب يطهر القلب.. هكذا قال صاحب المثنوي مولانا جلال الدين الرومي.
معلوم أن الماء يطهر الجسد ويطهر الملابس حتي أنه يطهر النجاسات اذا جُمع مع التراب.
ولكن لماذا قٌرِن الماء في الشطر الأول وجعل الحب في الشطر الثاني وقال والحب يطهر القلب وكأنها مقابلة بين الماء والحب.
قال الله وجعلنا من الماء كل شىء حي فالماء في ذاتها بها جعل إلهي.
وما أدراك ماهو الجعل الإلهي هو سر مكنون فالماء الذي يطهر والذي يروي هذا مجازا لقول الإنسان منا فنقول شربت ماء فارتويت وغسلت الجسد بالماء فطهر لكن علي الحقيقه الجعليه الإلهيه والسر المكنون والخاصيه المودعه فيها الذي تم بها كل هذا هنا قدره فوقيه مُتجليه وساريه مادامت مشيئته سبحانه تمام أمره.
ولنا مثال واضح في خرق الناموس فهو يحكم القوانين ولا تحكمه قوانين.. انظر نار إبراهيم الخليل عليه سلام الله، فالأصل أنها مُحرقه ولكن عندما نُزعت منها خاصيتها كانت بردا وسلاما عليه.
نستأنف ما بدأنا في وجه المقابلة بين الماء والحب.. قال نبينا صلى الله عليه وآله وسلم “المرء مع من أحب” .
فننظر هنا كلمة مع وكل منا على قدره وعلى عزمه وعلى من سبقت له العناية.
فالحب حياة.. فالواحد منا لا يقدر أن يأكل طعام لا يحبه ولا يرغب في ثياب لا يحبه ولا يمشي مع أحد لا يحبه هذا في أمور الحياة العادية وإن كان لها وجه وشكل معين لا ننكره.
لكن هيا بنا نرتقي هل جربت أن تحب المخلوق لله؟ هل نظرت لخلق الله بأنها كاملة لا نقص فيها ؟.. بمعنى أنها عندما خلقها الله كان عليم بها أنها لها دور معين ستقوم به.
كالرجل الحطاب الذي جمع الحطب فقال له شيخه لما تركت هذا وجمعت هذا فقال الحطاب لأنها ناقصة أو بها عيب أو كما قال.
فقال له شيخه لا نقص ولا عيب في خلق الله لأن لها دورها ولعل هذه القصه تذكرني بقول حجة الإسلام الإمام أبو حامد الغزالي عندما قال
” نقص الكون هو عين كماله، مثل اعوجاج القوس هو عين قوته، ولو استقام القوس لما رمى” فعندما يحدث لك شئ من مخلوق مثلك أو من قدر معين فلا نقول لماذا حدث ولماذا ولماذا بل انظر من وراء الحدث فإذا نظرت الله خلفه أحببت الشئ.
ولا أقول هنا بمنع الاجتهاد في الأسباب بل على العكس، فنحن مأمورون بالأخذ بالأسباب وكأنها كل شئ وعدم الاعتماد عليها أيضا كأنها لاشئ.
لأنه يوجد إله مدبر.
هل جربت أن تعيش مع فكرة معينة.. ولكن قبل أن تقرر أن تعيشها انظر ذاتها؛ فيوجد من يعيش رسول الله صلى الله عليه وسلم من قيام وجلوس وأنفاس وسيرة ولا يغفل عن الصلاة عليه، فإذا سألته ماذا تفعل قال لك وظيفتي خادم لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومنهم من يعيش متدبر في خلق الله كما قال الله سبحانه الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) فهذا الصنف من الناس يقولون عليه متنسك ومتعبد لانه من فرط حبه لله يري تجليات آثار اسمائه الحسني سبحانه فيكون كل شئ يحدث معه علي الدوام تجلي الأسماء الحسني.
ونعرف الكثير من كان دخوله على الجاده بسبب محنة.. ومنهم من كان سببه منحة.. ومنهم من سلك بكونه كان يمشي في السوق فسمع عباره فأخذها بأنه المُخاطب بها.. ومنهم من كان حبه لشيخه ومنهم من كان حبه لإمرأة، وكثير وكثير.
لكن الشاهد هنا من هو الذي سبقت له العناية ونظر من خلف وأمام هذا الحدث ، وأقول هنا أمام وخلف مجازا فالله خالق الزمان والمكان.
جرب أن تحب نفسك
جرب أن تحب خلق الله
جرب أن تنظر بعين غير العين
اترك الحب أن يسري في قلبك فإذا سري في قلبك سري في جسدك فإذا اجتمع طهارة الجسد بالماء وطهارة القلب بالحب صرت من الكمل كنت قمرا مشرقا بين الناس الغافله كما يكون القمر مضيئا منيرا بين الظلام الحالك.
فإذا نظرت نظرت بحب وإذا فكرت فكرت بحب.
كان قيامك وجلوسك خيرا لنفسك قبل غيرك.
أعلم تمام العلم بأنه مقال ثقيل في تلك الأيام.. ولكن لعله يلامس قلب قارئ فيبدأ أن ينظر بعين غير العين .