هند هيكل تكتب : مسبار الأمل.. المريخ والتاريخ العربي
صنعت أمس الإمارات تاريخًا جديدًا ومشرفًا كأول دولة عربية تصل إلى المريخ، وخامس دولة عالمية ، بعدما نجح مسبار الأمل، الذي انطلق من الأرض قبل سبعة أشهر، في الدخول إلى مدار المريخ في أول رحلة عربية لاستكشاف الكوكب الأحمر، ودراسة كيفية تأثير العواصف الترابية والظروف الجوية الأخرى بالقرب من سطح المريخ، والتي بدورها تؤثر على تسرب هواء الكوكب إلى الفضاء الخارجي، والتي تساعدنا على تطوير الحياة والزراعة في الصحراء والمناطق الجافة وفي الحماية من التقلبات والكوارث الجوية، هكذا ندرك العدل والانضباط في الكون والحياة، ونفهم أيضاً القوانين العلمية والطبيعية التي تساعدنا في حماية الكوكب والحياة والكائنات، ونوظف معرفتنا بالطقس وبالمخاطر والكوارث المحيطة لنعيش حياةً أفضل وفي سلام وازدهار.
وبهذا الإنجاز توجت الإمارات الخمسين عاماً الأولى منذ تأسيسها عام 1971 بحدث تاريخي وعلمي غير مسبوق على مستوى المهمات السابقة للوصول للمريخ.
بإمكان العلماء الآن التطلع لدراسة غلاف كوكب المريخ مستعينين بصور مذهلة وعالية الدقة من فهم أفضل للغلاف الجوي والطبقات العليا منه والمجموعة الشمسية والجاذبية والطاقة والجسيمات السابحة في الفضاء، وتوازن الطاقة، ويساعد ذلك في التنبؤ على نحو أفضل بالطقس وحركة الرياح والأعاصير وتطوير الملاحة الجوية والبحرية، كما الزراعة والمناخ والتغيرات التي تجري في هذا المجال وتؤثر على حرارة الأرض ونشاط الإنسان عليها.
بعد تحقيق الإمارات هذا الإنجاز ونجاح مسبار الأمل، في الوصول إلى الكوكب الأحمر “المريخ”، فإننا وبهذا المشروع نشارك العالم في مسؤولياتنا تجاه أنفسنا والحياة عامة، لنوظف معرفتنا واكتشافنا لتحسين الحياة وتقليل المخاطر، كما أننا نكون جزءاً من العالم يتقبّلنا ونتقبّله، ونضيف إليه أيضاً.
وبهذا التحدي ترفع الإمارات الساعية إلى التميّز والريادة وتمكين الكفاءات والمواهب الشبابية شعار “لا شيء مستحيل”، فنتائج العلم والمعرفة لا تتوقف إلا بتوقفنا عن التعلم، وكما قال المتنبي: “إذا غامَرْتَ في شَرَفٍ مَرُوم، فَلا تَقنَعْ بما دونَ النّجومِ”.
الإمارات اليوم تأخذ موقعها اللائق والكريم بين أمم العالم في المشاركة والتضامن والإسهام الإيجابي والمسؤولية العالمية، كما تأخذ بزمام المبادرة العربية والإسلامية من أجل عالم أقل خطراً وأكثر سلاماً وازدهاراً، فهذا الإنجاز الفضائي ليس ترفاً ولا معرفة ثانوية، بل مسؤولية إنسانية وعالمية تتحملها الإمارات ويجب أن يشارك العرب والمسلمون جميعاً فيها، والذى يمثل مجموعة من الأولويات شديدة الأهمية في سياق البحث العلمي والاستكشاف الكوني، كما أنه وسيلة لاندماج العرب في الحراك العلمي والمعرفي للعالم، وتحسين صورتهم وتقليل العداء لهم، والمشاركة في المسؤوليات العالمية، ومنها الحفاظ على العالم نظيفاً خالياً من الحروب والصراعات والتلوث وصالحاً لأن نعيش عليه نحن والأجيال القادمة وجميع الكائنات الحية والمكونات البيئية.
مسبار الأمل تحدي تاريخي أنجز بأيادي عربية ومهندسين لديهم معرفة وثقة ومثابرة، أدخلت العالم العربي حالة من الإدراك لمرحلة قادمة مليئة بالمسئوليات والتحديات، لا مكان فيها لنقص المعرفة المتقدمة والدقيقة، مبارك للشعب الإماراتي ومبارك لنا جميعاً كعرب بهذا الإنجاز العلمي التاريخي.