مقالات

النائبة أميرة أبوشقة تكتب| 25 أبريل.. ملحمة الصمود والتحدي

عندما نتحدث عن الأيام الخالدة في تاريخ مصر الحديث والمعاصر، لن نجد أفضل من يوم ذكرى تأكيد الإرادة التي لا تُقهر، والكرامة الوطنية التي لا تُساوَم.

25 أبريل، يظل يومًا مصريًّا استثنائيًّا في التاريخ، محفورًا في قلوبنا ووجداننا وذاكرتنا بحروف من ذهب، نعتز فيه جميعًا بتحرير سيناء من الاحتلال «الإسرائيلي».

إنه مناسبة وطنية عظيمة، نسترجع فيها بكل فخر واعتزاز ملحمة الصمود والتحدي، التي سَطَرها أبطال قواتنا المسلحة بدمائهم الطاهرة وتضحياتهم الغالية.

في هذا اليوم الخالد، نحتفل بعودة أرض سيناء الحبيبة إلى أحضان الوطن، بعد سنوات من الاحتلال، وبعد نصر عسكري ودبلوماسي أثبت للعالم أن مصر لا تتنازل أو تُفَرِّط في ذرة رمال واحدة من أراضيها.

هذا اليوم المجيد ـ بما يحمله من عزة وكرامة وفخر ـ هو عيد الأعياد، لتلك الأرض الطاهرة، والبقعة المقدسة، التي حُفرت على رمالها وصخورها دماء المصريين، الذين دفعوا أثمانًا كبيرة من أرواحهم وهم يدافعون عن أرض سيناء، التي تمثل عمقًا استراتيجيًا للوطن.

لذلك نقول: إذا كانت مصر صاحبة أعرق وأقدم تاريخ حضاري في العالم، فإن شبه جزيرة سيناء، تمتلك أطول سجل عسكري على مرّ العصور، حيث إنها من أكثر بقاع الأرض تعرضًا للهجمات العسكرية منذ فجر التاريخ.

حتى بعد تحرير سيناء بالكامل، واسترداد آخر شبر من أراضينا في العام 1989، لم يكن الأمر سهلًا لبدء خطط التنمية الشاملة، إذ أصبحت أراضيها مرتعًا خصبًا لخفافيش الظلام، الذين لا يعرفون دِينًا أو شَرَفًا، وهدفًا متتاليًا لأعمال القتل المروع، وبيئة حاضنة للإرهاب الأسود.

لكن الوضع الآن في سيناء تغيَّر تمامًا، بعد التضحيات الكبيرة لحماة الوطن، وعيونه الساهرة، في دحر الإرهاب الأسود، لتبدأ عجلة التنمية في الدوران بشكل متسارع ومخطَّط، من خلال مشاريع عملاقة، لبناء نهضة مجتمعية وعمرانية وزراعية وصناعية وسياحية شاملة، لتعود سيناء
قِبلة للسلام وعاصمة للمحبة.

يقينًا، يجب الإقرار مجددًا بأن تلك البقعة الطاهرة من أرض الوطن ـ على مدار التاريخ ـ كانت وستظل مطمعًا للأعداء ومكائدهم ومخططاتهم الخبيثة، خصوصًا أنها عانت التجاهل لعقود، لكن الإرادة السياسية الحكيمة والوطنية المخلصة، ورؤيتها المستقبلية، لتلك البقعة الغالية، أثبتت ـ بالأفعال وليس بالأقوال ـ أنها مؤمنة تمامًا بأن سيناء هي خط الدفاع الأول عن مصر، وأن تنميتها واجب مقدس.

إذن، نعتقد بأن تنمية سيناء ليست بُعدًا اقتصاديًا فحسب، ولكن البُعد الأهم هو الأمن القومي، ولذلك أحسنت الدولة بدء مشاريعها العملاقة، وعلى رأسها زراعة سيناء بالبشر، واتخاذ إجراءات جديدة خلَّاقة لخلق بيئة جاذبة للاستثمار والتنمية.

إن تنمية سيناء، تظل الحل السحري والواقعي والأمثل، لخلق بُعد اجتماعي واقتصادي وسياسي جديد في مصر، ولذلك فإن استغلال ثروات أرض الفيروز المهدَرة، بشكل صحيح، كفيل بتأمين احتياجات الشعب وتجنيبه ويلات المخاطر المتوقعة في المستقبل.

عندما نحتفل بهذه الذكرى الغالية، نقول إن سيناء اليوم ـ كما كانت بالأمس ـ بوابة النصر، ودرع الوطن الشرقي، التي تنبض بالأمل، باتت الآن تزدهر بالمشروعات التنموية التي تُعيد لها مكانتها المستحَقة في قلب الوطن، ولذلك يجب علينا إعلاء صوت الانتماء، ولنجعل من ذكرى التحرير دافعًا لمزيد من التنمية، ولنُعلم الأجيال القادمة أن حب الوطن فعل وعطاء واستمرار في البناء كما كان في الكفاح.

أخيرًا.. ستظل مصر دائمًا وأبدًا ـ بإذن الله ـ بلد الخير والعطاء والأمن والأمان.. جُندها خير أجناد الأرض، وشعبها في رِباط إلى يوم القيامة، كما أخبرنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، ولذلك نقول لكل مَن تسوِّل له نفسه الأمَّارة بالسوء إن مصر تمتلك جيشًا رشيدًا، يحمي ولا يبغي ولا يجور ولا يظلم ولا يعتدي، لكنه في الوقت نفسه نارًا تحرق المعتدين على أمنها أو أرضها أو حقوقها.

«اللهم احفظ مصر وشعبها وجيشها وقيادتها بحفظك ورعايتك».

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى