اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا اَبا عَبْدِاللهِ
قلم / محمد مهران
تمر بنا تلك الأيام التي تذكرنا دائمًا بسيد شباب أهل الجنة وهي أيضا تذكرنا بنبي الله الكليم موسي بن عمران نبي بني إسرائيل فهل يا تري بينهم وجه في قدر الله من ناحية التاريخ سنسرد للقارئ الكريم بعض الهمسات المادية والروحية والظروف المتشابهة .
أما نبي الله موسي عليه السلام كما هو معروف أتي علي الحاكم المتجبر المتغطرس الذي ابتلعه الكبر ابتلاعًا فكان من المحال أن ينفك عنه، حيث نازع الله في صفة ليس للبشر فيها نصيب من التخلق أو التحقق، حيث قال ربنا الكبرياء ردائي والعظمة إزاري من نازعني فيهما قصمته ولا أبالي
ففكر فرعون وقتل نفسه من التفكير بعدما عرف من كُهانه من البداية أن نهاية مُلكه وحُكمه ستكون علي يد غلام من بني إسرائيل .. ويأبي الله إلا أن يربي في حجره وقصره وتحت رعايته لأن في علم الله السابق مهما تكون همم وعزم الناس لا تغلب قدر الله، كما يقول بن عطاء الله السكندري “سوابق الهمم لا تخرق أسوار الأقدار” .
وظلت تسير تلك الحكمة الإلهية حتي النهاية المأساوية لفرعون، وأيضا ظل الكبر الفرعوني يتمادى حتي عندما وصل الماء الذي أصبح كالطود العظيم ينادي هامان وجنوده أنظروا إلى الماء ماذا حل به عندما رآني أريد أن أعبر.. ولكن لم يعلم أنه هو الذي اختار ميتته عندما تجلي له الملاك جبريل في صورة رجل وقال له ماذا تقول فيمن قال أنا ربكم الأعلى قال فرعون أميته غرقا فقال له جبريل اخترت ميتتك .. وسبحان الله لم يستطع فرعون أن يخرق أسوار الأقدار الإلهية وكان هذا واضح من البداية أن الله يمهل ولا يهمل.
وكما ورد في الأثر أن عندما قال فرعون أنا ربكم الأعلى.. غار جبريل عليه السلام وقال أي رب أغرق ؟.. أم خسف؟.. أم قذف؟ .. فقال رب العزة يا جبريل العجلة لمن يموت وأنا حي لا أموت .. وهكذا نهاية كل جبار عنيد ينازع الله في ملكه بأي اعتقاد فاسد من أي تصور كان فِعلي أو نفسي أو يحارب دين الله يمهله الله وهذه سنته حتي إذا أخذه لا يفلته .
أما من قال فيه نبينا – صلى الله عليه وسلم – “أنا من حسين وحسين مني أحب الله من أحب حسين” .. أما الشطر الثاني من الحديث فمفهوم من كون النسب فهو سبط النبي – صلى الله عليه وسلم- ، أما الشطر الأول من الحديث فكما يقولون أهل الله وكأنه ورِث من الحقيقة المحمدية والذات المصطفوية من إقامة الحق، ورفض ما عرض عليه من يزيد وزبانيته، كما قال سيد السادات لكفار قريش عندما عرضوا الهدايا وغيرها حتي يترك أمر دين الله فقال لو وضعوا القمر في يميني والشمس في شمالي ما تركت هذا الامر إلا أن يظهره الله أو أهلك دونه.
وبالفعل كثيرًا من صحابة نبينا – صلى الله عليه وسلم – وعظوا “الإمام الحسين” بأن لا يخرج غير العروض الذي قالها أعداء الله قتلة سيد شباب أهل الجنة..
ولكن هنا نفهم المقام الجلالي الموسوي من الباطن والإرث المحمدي لسيدنا الحسين رضي الله عنه الذي كان يري بعين غير العين ويُرسخ فكرة معينة ويفهم بشكل مختلف وكأنه يري من وراء ستار رقيق من أستار الغيب .
يقينًا كان يعرف “الحسين” بأنه مقتول ولكن قتل بسيف الحب. قتل بترسيخ الحق والمبدأ . نعم قتل الشهيد السعيد الحي عند ربه ، ولكنه قتل الظلمة والمستبدين بحكمته وتاريخه وعدله وإصراره وجلال ثبات إيمانه.
فأين من التاريخ بل من الله؟ من قتلوه أمثال عبيدالله بن زياد وغيره .. فهم في القعر الحقير وأيضا أين فرعون موسي فهو في القعر الحقير.
ونلاحظ ايضًا أن كل من تسبب في قتله واستشهاده لقوا حتفهم في الدنيا بأسوأ ميتة حتى يعلم الجميع كما قال الله في الحديث القدسي “من عاد لي وليا فقد آذنته بالحرب”.
ومن هنا نخلص إلى أن الإنسان منا لابد أن يستغرق في قلبه ونفسه في فكرة النور ويعيش مع نور السموات والأرض ويعيش مع الأخلاق المحمدية، لأن النور كامن في ذات رسول الله كما قال “الإمام القرافي” أن الرجل يكمل بقدر إتباعه للنبي فكما يستفيد القمر من الشمس وكثرة توجهه إليها يصير بدرًا .
وهكذا الرجل كلما أقبل علي النبي صلي الله عليه وسلم يصير كاملا فالكمال البشري له درجات وشروط وأحوال ومقامات وصبر علي فكرة بعينها تضئ قلب العبد يعيش من أجلها .
أما نحن فنتقرب إلي الله بحب سيدنا الحسين رضي الله عنه وعن آل بيت نبينا صلي الله عليه وسلم عنه بالطريقة التي يرضاها لنا الشرع الحنيف بدون مغالاة أو فتن أو شطط، وخاصةً في مصرنا المحروسة.
هذا قليل من كثير حتي لا يمل القارئ .. وكل عام والأمة الإسلامية بخير.