العرب وإسرائيل من السؤال الفلسفي إلى فلسفة السؤال
د. شعبان عبدالله
أستاذ ورئيس قسم الفلسفة – كلية الآداب بسوهاج
اعتدنا دائما في حلقات الدرس الفلسفي أن نفرق بين السؤال الفلسفي وفلسفة السؤال. حيث الانتقال من ماذا ولماذا ؟ إلي أين وكيف؟ فالسؤال الفلسفي يقف دائما أمام سؤالين ماذا يحدث؟ ولماذا يحدث ؟على كافة المستويات المختلفة. والمتأمل لتاريخ الفكر الفلسفي يجد أن الغالبية العظمى من المهمومين بالفلسفة يقفون عند هذه المرحلة، ولكن الباحثين عن المجتمع الأمثل منهم ، هم أولئك الذين يسعون دائما إلي التحول من السؤال الفلسفي إلي فلسفة السؤال ، وتكمن ضالتهم المنشودة متمثلة في كيفية التحول ومكانه.
وبلغة مناهج البحث الفلسفي المعاصرة ، كيفية بلوغ كيمياء الفكر من ناحية ، و بلوغ جغرافيا الفكر من الناحية الأخرى.
والمتأمل في الواقع المعيش في تلك المرحلة الفارقة في تاريخ أمتنا العربية ، سوف يتبين أن معظمنا يقف عند مرحلة السؤال الفلسفي: ماذا يحدث الآن ؟ ولماذا يحدث ؟
ماذا تفعل إسرائيل وأمريكا وفرنسا…وغيرها من البلدان الغربية؟ ولماذا تشارك هذه الدول إسرائيل في جرائمها ضد الإنسانية ، وتشجعها على هذه الأفعال العدائية ؟
والإجابة ببساطة شديدة تتمثل في أن المصالح المشتركة هي التي تقود إلى مثل هذه الأفعال دون مراعاة لأية أبعاد إنسانية أو لأية قوانين أو مواثيق دولية. فما يلتقي مع مبدأ المصلحة هو الصواب ، وإن تعارض مع كل المبادئ والقيم الإنسانية، وضرب عرض الحائط بكل القوانين والمعاهدات الدولية ؛ وما يتعارض مع المصلحة هو الخطأ الأكبر الذي لا يجب الوقوع فيه.
هذا هو منطق الفكر السائد في المعسكر الأول الذي يشن العدوان بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر.
واعتقد أن هذا الأمر لا يخفى على الإنسان العادي أو المثقف ؛ كما لا يخفى على الرأي العام الحُر أو الرأي العام التابع.
والجميع يعلم ألية حل هذه المشكلة ، و الذى يتمثل في وجوب تحقيق الوحدة العربية الحقيقية والتعاون الكامل : اقتصاديا، وسياسيا، وعسكريا ؛ عندئذ فقط يمكن لنا مجابهة هذا الطوفان والخطر المدمر ، الذي لن تكون فلسطين بالنسبة له نقطة نهاية بل نقطة بداية .
ففي الماضي القريب، وبحيلٍ مشابهة لما يحدث اليوم دُمِّرت العراق وسوريا وليبيا واليمن والسودان…، وغيرها كثير من مآسي عالمنا العربي والإسلامي.
واليوم هناك ثمة محاولة علي الصعيدين السياسي والعسكري – لا تَخفَى إلا على من يغمس رأسه في الرمال – لتصفية مصرنا الحبيبة، وذلك بجعلها طرفاً مباشرا في الصراع ، حتى يتسنى لهم تصفية القوة الوحيدة التي مازالت متماسكة وتشكل عمود العالم العربي وقلبه النابض .
هكذا نكون قد فهمنا ماذا يفعلون ولماذا ؟ ، وبعبارة أخرى عرفنا الإجابة عن السؤال الفلسفي ولكن ماذا عن فلسفة السؤال ؟
أشرنا إلى أن حل هذه الأزمة يتمثل في الوحدة العربية؛ وهنا تظهر فلسفة السؤال: كيف وأين؟
ما أسهل الإجابة عن كيف: بنبذ الفرقة والتكامل على كافة المستويات المختلفة الاقتصادية والسياسية والعسكرية، بحيث يتحول اتحاد الدول العربية – على غرار دول الاتحاد الأوربي- إلي قوة يخشاها القاصي والداني .
ولكن السؤال عن أين؟ فإن الإجابة عليه متروكة لمن بيدهم القرار أو بيد من لديهم القدرة على الإجابة .
فهل آن لنا أن نتحول من السؤال الفلسفي إلي فلسفة السؤال ؟!!