مقالات

التغافل

قلم / محمد مهران

 

التغافل.. أين نحن منه لقد أصبحنا ننظر إلى بعض بعين الناقد البصير فيما يستحق ولا يستحق النظر إليه.

صرنا الخصوم والقضاة في آن واحد .. أصبح النقد له معطيات أخرى مثلا الأقوى الأكبر الأغنى .

المهم مادة أفعل هي الحاكمة والصحيحة وكلا في مكانه؛ الرجل لزوجه في بيته لا يتلطف بأن يتغافل والعكس أيضا والرجل مع صديقه والأخوة في البيوت إلخ…

وبالرغم من أن التغافل كما قال الإمام بن الجوزي رحمه الله..”التغافل عن الزلات من أرقى شيم الكرام ، فالناس مجبولون على الزلات والأخطاء فإن اھتم المرء بكلّ زلّه و خطيئة تعب وأتعب”.

كما نرى لفتة جميلة ومريحة في كلام الإمام؛ بأن المتغافل يريح نفسه ويريح غيره ، ولا نقول التغافل يكون في مهام الأمور التي تستدعيها بحقها..

ولكن القصد أصبحت مجتمعاتنا شديدة القسوه وكثيرة التحليل والأنفس الشح حاضرة والمدعيين للفضيله كُثر؛ فماجت العقول حتى ظن العقلاء بأنهم مجانين وهذا من فرط الحماقات.

مقالي ليس سودوي على الإطلاق ولكنه تسليط ضوء لحصول على نوع من السكينة وسط بحار النار المتأججة بقلوب الانشغال وسط الكون المادي السريع.

عندما تُجالس زيد أو عمرو يقول لك أبحث عن راحة البال أبحث عن السكينة أبحث عن الصفاء، ولكنه يُعقب كلامه فلان قال وقالت وقيل لي وحدث منه ويبدأ التحليل النفسي والعقلي والظنون.

والغريب أنه لا يعطيك فرصة لعل تقدم نصيحة أو سبيل.

لو نظرنا لقول وفعل نبينا عليه الصلاة والسلام عن التغافل في أخلاق كفار قريش معه ما ورد في صحيح الإمام البخاري “ألا تعجبون كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم يشتمون مذمما ويلعنون مذمما وأنا محمد) رواه البخاري.

كان يعلم نبينا صلى الله عليه وسلم قصدهم ولكنه غض الطرف بأخلاقه وتسامحه وعفوه وتغافله .

وفي الحديث المشهور لأم زرع قالت الزوجة الخامسة لأم المؤمنين عائشة إن زوجي إن دخل فهد وإن خرج أسد ولا يسأل عما عهد ولا يرفع اليوم لغد، فهي تمدح زوجها بصفة التغافل بأنها على يقين بعلمه فيما يدور حوله من أمور وهذه صفة الفهد .

هذه أمثلة بسيطة عن التغافل الذي يكسب الإنسان وبالتالي المجتمع الهدوء النفسي وسلامة الصدر فيُخًلي مساحة للقلب للنظر لأمور أعلى وأرقي.

وكما قال الحكماء عود نفسك على التجاهل الذكي فليس كل أمر يستحق وقوفك.

ولكى تعيش عليك إتقان فن التغافل باحترام .. فلا تقف مع نفسك كثيرا ولا مع غيرك .. عليك أن تُحرر ما تراه بأنها رسائل ربانية.

فكما قال الإمام بن عطاء الله السكندري (مَا مِنْ نَفَسٍ تُبْدِيهِ إِلاَّ وَلَهُ قَدَرٌ فِيكَ يُمْضِيهِ) خذها بأنك تُراجع نفسك من ذكر وفكر وتقصير وعفو وحمد وشكر ولطف ورفق إلخ…

المهم أرجِع ما يحدث لخالقك لعلها تربية لك لعلها تكفير سيئات لعلها رفع درجات، المهم لا تقف عند الفاعل الذي تراه أمامك بل أنظر إلى ربك.

فالذي يستدعي القرآن الكريم وأحاديث النبي صلي الله عليه وسلم
وأهل المعرفة والحكمة بأن يتواصو بالتسامح والتغافل فهذا خيره كثير وعميم على المستوى الشخصي والمجتمعي.

دمتم سالمين

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى