مروة حسينمقالات

يحدث في جمهورية مترو الأنفاق !

قلم / مروة حسين

استكمالًا لحديثنا السابق وهو عن ما يحدث داخل عربة السيدات والتي اسميتها (دولة السيدات) لأنها بالفعل دولة يوجد بها ما لذ وطاب من جميع الفئات والطبقات الأنثوية ولكنهم يجتمعون تحت وطأة اللت والعجن، لكن مع كل هذه الاختلافات فتجمعهم صفات إيجابيه كثيرة وهذا ما تحدثت عنه أيضًا في المقال السابق .

“ولكن  اللي فات حماده واللي جاي حماده تانى خالص “.. لأنني سأتحدث هنا عن الزحمة .

واذا كنت قد تفوهت وقلت أن السيدات هم الطف الكائنات فينقطع لساني وأيدي أيضا، لأن ما يحدث في تمام الساعة الثامنة صباحًا من ازدحام وتفعيص وصريخ وزعيق يجعلك تكره الجنس الناعم بل تكره النعومة نفسها!

وكله كوم وساعة – العصاري – كوم تااااني . . وهو ساعة خروج المدارس والموظفين معًا، فلك أن تتخيل عزيزي القارئ في عز الحر والاختناق يأتي طفلًا عائدًا من مدرسته “بترجيع” كل ما أكله طوال اليوم  من شيبسي واندومى وشيكبون في وسط هذا الزحام بسبب الحر والكتمة.

وطبعًا هذا “طفل” لا يعيبه شيئًا، إنما الازدحام في الشتاء فهو عادى اديهم بيدفو بعض.

 لكن لا يمنع من عدم تحاملهم لبعضهن ولا يمنع أيضا من سماع بعض الجمل المعتادة لدى بعضهن مثل ..اوعي كده اتاخرى شويه بعد اذنك أو ااى شعرى يا مدام!! أو لو سمحتو يا جماعه مش عارفه أقف .. أو اف ايه الريحة دي! ، ثم تسير العربة في تأفف واستنفار من بعضهن بل تصل لحد المشاجرات والضرب أيضًا.

لكن الازدحام في عربة الرجال فهو مختلف تماما حيث  تبقى هادئة مهما كان الوضع !

 الجميع يفكر في الولا الحاجة حيث اللاشئ وانعدام الوجود، ولابأس من ريحة العرق لدى البعض في حر الصيف وتقلبات البطن أيضا، ولكنهم لا يعيرون اهتماما للاشيء ، فهم زاهدون فيما سيأتي فرحون بالذي غار في داهيه ولا يعود .

وكما قلنا ان المتسولين والباعة الجائلين يستهدفون عربة السيدات بالأخص وهذا لقلوبهن الرقيقة وحب الشراء  كما ذكرت في مقالي السابق،  ولكن عربة الرجال يصعدون اليها من باب يمكن حد يخلى عنده دم وينفعني المرة دي!

ونلاحظ هنا عند دخول المتسول وهو يصيح باكيًا بأنه لم يأكل منذ سنوات وسنوات وعنده جميع الأمراض الجلدية والعقلية، إلا انهم يصرون بألا يدفعون شيئا ، فهم أيضا عليهم التزامات كثيرة، واذا تكرم منهم احدًا وفكر ان يتصدق للمتسول فتذكر إيجار الشقة والنور والمياه والغاز ، والرد الطبيعي للمتسولين لهم ( الله يسهلك ياعم)  لأنهم بالفعل مش ناقصين هم على همهم.

وفي عربة الرجال.. لا توجد حرية شخصية ، فالجميع متحفظ والجميع حافظ مكانته  و “بريستيجه” حتى لو كان من طبقة فقيرة ، فالأهم عندهم “البريستيج” لأنه مهما كان اسمه ( رااااجل) فلا يجب أن يتعامل بحرية كما النساء، ولا نلاحظ على سبيل المثال رجلًا يجلس أرضا أو رجلا يصفف شعره كما كان يفعل رجل الستينات، فالرجل قديما كان “نزيهًا” .

كما أننا لا نلاحظ أيضا رجلا يتسابق على مرآة باب النزول لكى يهندم ملابسه مثل عربة السيدات وهذا لأنه راااجل وله برستيج!

جدير بالذكر.. إن عربة السيدات يوجد بها غيرة وحقد ونفسنة أيضا وهذا نلاحظه في نظراتهن لبعض، أما عربة الرجال فالجميع ينشغل بحاله إما في موبايله أو جرناله أو مذاكرته وهذا إن فلح.. إما نايم وفاتح فمه شبرين ونصف قطر.

وعلى عكس عربة السيدات الذى إذا صعد بها رجلا بالخطأ فيتعاملون معه كااسرائيلى صعد إلى خط برليف حتى ينال الشهادة من الجنود المحتلين، بينما اذا صعدت سيدة إلى عربة الرجال فيا أهلا وسهلا وخاصةً إذا كانت جميلة فالجميع يقومون إليها حتى تجلس وتقعد براحتها .

ولكن ملحوظة.. اذا أحببتى عزيزتي الأنثى أن تصعدي إلى عربة الرجال لكى تحظى بمكان تجلسين به من تعب اليوم فالأفضل يكون معكى رفيق لأنهم مش ملائكة برضه، فهم من السهل أن يتحرشون بك ولا يشفعلك الجميع لأن اكيد انتى اللي غلطانه، وأبسط سؤال ستنالينه ايه اللي مركبك عربية الرجالة؟! هااا..ايه؟!

ولكن لا ننكر أن الجميع به شهامة وجدعنة المصري القديم، الذى اذا رأى أحدا عجوزا اجلسه واذا لاحظ أن أحدهم تائها ارشده، واذا رأى أحدهم أقبل على الانتحار تحت عجلات المترو تركه، اعتقادًا منهم أنه ذاهبًا إلى مكان أفضل تحت كلمة تشجعيه جدع يابنى والله!

و لا أنكر أن الجميع أصبح لا يتحمل الآخر فالجميع أصبح على شفا حافة الانهيار وابتسامته ذهبت مع الريح، فأتمنى أن يبتسم الجميع حتى وإن كانت ابتسامة مجروحة.

ابتسمو يا جماعه. .ابتسمو خليها تعدى.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى