مقالات

ضحايا منظومة التعليم

قلم / أمنية وجدي

تعددت الضّحايا والوزير واحدٌ

ولأننا نعلم أنها رسالة سماويّة توارثناها عن الأنبياء والرسل فلم يخطر بالذهن يومًا أن نلمس مأساةً بها أو نعيشُ معاناةً تجسدت فى ” منظومة تعليمية ” إجبارية – بسلبياتها قبل إيجابياتها –  وليس لنا حق الإقرار أو الاعترض

فوزير التعليم وضع الإطار ورسم الخطوط ونسج المناهج ونقش بالألوان التقييم فى منظومة تطوير أبهرنا بها فى بادىء الأمر بعذب الحديث ووصف الآمال المستقبلية بالوعود البرَّاقة والمسابقات الحالمة وحين بدأ التطبيق انعكست المرآة بخيبة أمل وفقر رجاء وسوء نتائج . وأمام هذا يستجدى منا الصبر بالإجبار .

الضحية الأولى – تلميذ المرحلة الابتدائية

وهو الطفل دون الثامنة الذى تم قهر عقله وسلب روعة أهم مرحلة فى حياته التى يجب أن يندمج فيها مع أقرانه فى أول مجتمع للتنشئة – المدرسة – ليرتوي من منهل العلم خيره، ولكن جاءت عبقرية المؤلفين بما يفوق توقعات التربويين وبما يفوق إمكانيات عقول الأطفال فاختيار دروس الأساليب والتعبير ونوعية الأنشطة جاءت من حيث “الكم والكيف” من أكثر السلبيات ضررًا على نفسية الطفل بنفوره من المحتوى ثم من الدراسة – وجاءت المصيبة بإلغاء التقييم الفعلى آخر العام مما أخرج لنا جيلا أكاد أجزم أن أكثر من نصفه سينتقل إلى الصف الرابع الابتدائى جاهلا خاصة فى المحافظات والقرى والنجوع . فما جدوى المدارس إذن ؟ وأين هى مقولة ( التعليم فى الصغر كالنقش على الحجر ) ؟

الضحية الثانية – طلاب الثانوى العام

أُصيبت هذه الضحية وهى المعروفة بدفعة التابلت بأقسى أنواع الظلم النفسي لمرحلة عمرية في بدء الإزهار، فرصدنا لأول مرة فى تاريخ التعليم عن هذه الدفعة البكاء والهستريا وحالات الاكتئاب والانتحار فالوجع كله جاء مع هؤلاء الطلاب، وإذا صح التصنيف فهم بمرحلة الطفولة المتأخرة .. فهل تعامل الوزير بمنظومته الجديدة نفسيًا مع هؤلاء ؟ وهل جاء بتربويين كمستشاريين له حين ابتكر لنا ملامح منظومته ؟ .

الضحية الثالثة – المعلم

محور العملية التعليمية لم يسلم من الظلم – ولن أتحدث عن تاريخ طويل ومشكلات تفاقمت لم تصل أى وزارة حتى الآن بحلها وإنما أخص هنا ( مسابقة التعليم الوهمية ) ومعلمى الحصص والتعاقدات المؤجلة .

جاءت المنصة الإلكترونية بعمل مسابقة بشروط وإجراءات أعلن عنها نائب الوزير السابق وأرهق المتقدمين بشروط ومبالغ مادية وصلت إلى خمسة آلاف جنيهًا فى أجواء مبهمة عن الإعتماد المالى الذى سيتم به صرف مرتبات المقبولين – وجاءت الصاعقة حين تم الإعلان عن العجز وفتح باب التطوع لتنتحر الآمال المعلقة على هذه المسابقة – وزارة التعليم أصبحت مشتبه فيه بالاحتيال والتزييف على اكثر من 120 ألف معلم من الخريجين وأصحاب المؤهلات العليا .

الضحية الرابعة – ولي الأمر

بين الأمل واليأس حارت الأسر وبين المعلم والطبيب النفسى سارت الخطى .. منظومة تعليمية يحصد أولياء الأمور منها القلق … مناهج للصفوف الأولى مع عدد حصص غير مناسبة ونوعية موضوعات أكبر من العمر العقلى والزمنى للطفل .. ومناهج إليكترونية لصفوف الثانوي ونظام أوبن بوك وامتحانات خارج البوك ( فقد جاء على لسان الوزير أن الأسئلة ليست من خارج المنهج ولكنها ليست من الكتاب ).. فنظام الأوبن بوك خدعة وعدم طباعة الكتب الدراسية فى العام المقبل كارثة . وولى الأمر الخاسر الأعظم .

الضحية الخامسة – التعليم

مناهج تعليمية أصبحت مليئة بالحشو وموضوعات أعلى من مستوى تفكير الطفل ومنع الكتابة والواجبات والتطبيقات الأسبوعية والامتحانات الشهرية والاقتصار على الأنشطة التى أصبحت أشبه بأنشطة الإقتصاد المنزلى .

والتحول الفجائي من منهج تعليمي مكتوب إلى منهج معرفي يقوم على البحث تحت مسمى ( بنك المعرفة )، والافتقار إلى التدريب العلمى الممنهج بالمدارس وبالأخص المحافظات النائية والقرى الفقيرة حديثة العهد بالكهرباء فما بالك ببنية تحتية لشبكة الإنترنت ولم تتم بها شبكة صرف صحى !، بالإضافة إلى الاكتفاء في المرحلة الثانوية بامتحان فى نهاية الترم، مما أدى إلى اتساع الهوة بين التطبيق ( الامتحان ) والإدراك ( التعلم ) والعبث بنتائج الامتحانات وظهور الوزير بهذه التصريحات المشوهة لتبرير التلاعب بنتائج الصف الثانى الثانوي، واتهامه أولياء الأمور بالجهل فى قراءة كارت الألوان واتهام المنتقدين بعدم التخصص .

 فأين تذهب بالتعليم أيها الوزير ؟

الضحية السادسة – الوزير

أصبح الوزير ضحية منظومته فاعتزازه بها واغتراره برأيه فقط وعدم قبول الرأى الآخر بل اتهام المنتقدين بعرقلة التطوير وكثرة تصريحاته وتغيير قراراته وتناقضها فى بعض الأحيان – جعل الوزير – موضع انتقاد جميع الأسر المصرية بل خلق صنفًا جديدًا من البشر يُبدع فى النفاق والتصفيق .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى