هند هيكل تكتب : إنياجرام الشخصية ـ المُصلح
تحدثت فى المقالة السابقة عن الإنياجرام، والتي تقسم البشر إلى تسعة شخصيات، لكل شخصية اتجاه معين، وطريقة تفكير وطباع معينة تميزها عن غيرها من الصفات، ليدرك كل منا نقاط القوة الكامنة لديه ليسعى فى تطويرها، ونقاط ضعفه ليسعى في تقويتها والتعايش معها، وإمكانية العمل عليها أيضًا والتي تسمح لنا أيضًا بالتوصل إلى فهم الآخرين بشكل أفضل وإلى اكتشاف بدائل لطريقة تصرفاتنا وسلوكياتنا الحالية.
والنوع الأول من هذه الأنماط يسمى بـ “المصلح” وهذا النوع من أنماط الشخصية يؤكد بشدة على القيم الأخلاقية الأساسية مثل النزاهة والمسؤولية والانضباط والسيطرة والاهتمام بما هو صائب وما هو خطأ والمناضلة من أجل العدالة، مع وجود شعور قوي بالحق والباطل وهم دعاة للتغيير يسعون دائما لتحسين الأمور، ولكن يخافون من ارتكاب الأخطاء، يتميزون أيضا بالترتيب والتنظيم وشدة الحساسية، يحاولون الحفاظ على معايير عالية، تصل لحد المثالية، لديهم عادة مشاكل مع السخط ونفاد الصبر، ويتميزون في أفضل الحالات: بالحكمة، والفطنة، الواقعية، والأخلاق النبيلة البطولية، وهذا النوع من الأنماط لديه أحلام وتوق إلى الكمال والمثالية تهدف إلى تحسين العالم، أيضا هذا النوع من الشخصيات يعمل على إلهام الآخرين، ويشعر أنه دائما مضطر إلى تثقيف الآخرين حول تحسين وتطوير حياتهم وفي كيفية تجنبهم للأخطاء.
تتميز شخصية المُصلح بكونه قائد بالفطرة وهو يجذب الآخرين إليه بفعل طاقته ولمبادئه وحزمه ولأنه جدير بالثقة، وصاحب رؤية ومثل عليا، أيضا هذا النوع من الأنماط مستعد لتقديم تضحيات شخصية، كما أنه مندفع ومتحمس جدا ويأخذ قراراته بناء على رؤيته الغريزية وحدسه، وهو يفعل ما هو صائب بناء على رؤيته تلك، وهو يشعر بأهمية وجوده وقدرته على إفادة الآخرين لذلك هو دائما متحمس لحل المشكلات والتغلب على الشدائد وأحداث التغيير، كما أن شخصية المصلح تتصف بالضمير الحي والمبادئ السامية والتمييز بين الصواب والخطأ، إذا رأوا فيها شيئًا محرجًا أو مخزيًا، فيمكنهم قمعها دون وعي، وهذا يتجلى في كيفية تعبيرهم عن أنفسهم جسديًا وتجربة المتعة.
قد يجد الأشخاص، المعروفون أيضًا في الإنياجرام باسم الإصلاحيين، صعوبة في الاستسلام لرغباتهم الطبيعية، معتبرين تخيلاتهم “سيئة” أو “قذرة”، يقول صاحب هذه الشخصية عن نفسه : هناك طريقة صحيحة لفعل أي شيء، وأنا استمتع كثيرًا بفعل الأشياء بدقة عالية، واعتقد دائمًا في داخلي أن هناك طريقة واحدة فقط لفعل الأشياء بصورة صحيحة، وأضع معايير مرتفعة جدًا في تقييم نفسى والجميع، وأتوقع كيف يمكن للآخرين أن يتطوروا، وأستطيع أن أرى الأخطاء في المواقف المختلفة، وأنا جدير بتحمل المسؤوليات، ولدى حس جمالي حول الأشياء، وكيف تصل إلى الكمال المطلوب، وأريد أن أدافع عن الحق وبذل ما في وسعي لتحسين كل ما حولي، أسعى لعالم مثالي يتماشى مع المبادئ والأخلاق والمثاليات، النزاهة والبعد عن الشبهات، ولكن في بعض الأحيان، يمكن أن يؤدي التحكّم بالسيطرة والالتزام بالحكم إلى تخيل الرغبة في الخروج عن نطاق السيطرة والتمرد، في هذه الحالة.
وعلى النقيض من الجانب الآخر لهذا النوع من الشخصيات نجده على الرغم من صفاته وكاريزماته الإيجابية إلا أنه من النوع الناقد أو القاضي الذي يحثه على القيام بكل شيء بشكل مثالي، وعلى الرغم من قدرته على الإدارة بشكل ممتاز جدا إلا أنه قد يكون لديه جمود في أفكاره قد تكلفه الكثير لعدم قدرته على المرونة أو تغييرها، فإذا كنت تعطي تركيزك لما هو مفقود فقد تتجاهل حقيقة ما هو أكثر أهمية بالنسبة لك وقد تفشل في تقدير الجمال في ما هو موجود مثلا : إذا كنت ترى أن طريقة إدارتك للعمل هي الصحيحة فقط فقد يتسبب ذلك بالتنافر، وفي حالة اللاوعي قد تكون قاسيا وتصدر أحكامك، كما أنك قد تجد أن هناك أسباب تحرك عاطفتك وتوجهك نحو الغضب، وستجد ما يبرر هذا الغضب لأنه وبغض النظر فأنت دائما ترى الأمر وتبرر ذلك بأنك على حق دوما، وعلى الرغم من حسن نيتك في ذلك إلا أنه قد تواجهك بعض الصراعات خاصة عندما لا يتقبلك الآخرون.
الخوف الأساسي لدى شخصية المصلح هي أن يكون شخصية فاسدة، شريرة ولديها نزعة قوية لارتكاب الأخطاء، كما أن لديه مخاوف من أن يكون غير مثالي أو سيء أخلاقيا أو أن يكون على خطأ، كما أن لديه معايير فرضها على نفسه ويواجه صعوبة في تغييرها أحيانا، وغالبا هو ينتقد الداخل لديه مما قد يصيبه باكتئاب، لديه تسامح منخفض مع الفوضى والعمل بشكل غير جيد فهو يسعى دائما إلى الكمالية، والرغبة الأساسية لديه تكمن في كونه شخصية جيدة، نزيهة ومتوازنة، أما الوجه الاخر لشخصية المُصلح يتحد مع الجناح تسعة في الإنياجرام : “المثالي” والجناح اثنين: “الدعوة”
وتختصر نصيحة علماء النفس لهذا النوع من النمط فى السطور التالية : “طريقك الروحي هو استعادة الصفاء والهدوء في حياتك، وتقبل أن ليس كل شيء مثالي، ولا بأس في أن يكون كل شيء ليس كما تريد، إذ أن فرصة تطورك الروحي يكمن في القبول، لذا من المهم بالنسبة لك ان تعرف ان هناك أشياء ستكون خارجة عن إرادتك وعن المعايير المثالية التي وضعتها لنفسك، أيضا احتضان عيوبك وعيوب الآخرين والتعلم من كل شيء حولك يجعلك أكثر تسامحا لأنك تعرف أن التعلم يأتي بالقدوة الحسنة”.