مقالات

حرب إبادة وطمس هوية وطن !

د / محمد سليم – كلية الآداب بسوهاج
sendbadco2020@gmail.com

لا شك أن الحرب التي مازال يدور رحاها هي حرب إبادة جماعية ومن جانب واحد ، ويشنها الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة والضفة الغربية ، عقب الهجوم الخاطف وغير المسبوق فى الحجم ، الذي بدأته المقاومة (حركة حماس) على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول، والذى جاء نتيجة لعقود طويلة من التوتر والقهر الذى يمارسه الإسرائيليون ضد الفلسطينيين، كما أن خسائره محدودة إذا ما قورنت بخسائر الحرب التي يشنها الآن الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة والضفة الغربية بدعوى محاربة المقاومة الفلسطينية ، ويزعم الاحتلال أنها حرب وجودية للدفاع عن البيت، كما روجت لذلك إعلاميا ، لكنها في حقيقة الأمر حرب إبادة جماعية وتهجير قسري وطمس هوية وطن هو فلسطين ، ومجزرة وعنصرية بكل ما تحمله الكلمات من معانٍ ضد الأطفال والنساء و الشيوخ ، واحتلال لأرض القطاع والضفة الغربية والقدس ذلكم الأجزاء المتبقية من الوطن الفلسطيني ، ومن ثم تموت القضية الفلسطينية إلى الأبد .

فإذا كانت حربًا وجوديةً حقا فينبغي أن تكون للفلسطينيين وللقضية الفلسطينية ، لأنها أرض فلسطينية نزح اليها اليهود في 1948 واستوطنوها ، ومن حق الفلسطينيين الدفاع عن أرضهم ووجودهم ودولتهم ضد ذلك الكيان الصهيوني المحتل .

كل هذا يحدث على مسمع ومرأى من العالم أجمع، ومع موت ضمير العالم يزداد الاحتلال بطشا وعنفا مع الأبرياء من أطفال غزة والضفة، وكيف لا والاحتلال لا يعرف سوى لغة العنف ومنطق القوة ! ولا مجال لديه للتفاوض أو الدبلوماسية السياسية.

ومن بين الانتهاكات الصارخة التي تتنافى مع المواثيق والاتفاقيات الدولية الراسخة أثناء الحروب، أن قام الاحتلال بقصف مستشفى الأهلي المعمداني ، وتسبب في مذبحةٍ لا إنسانية راح ضحيتها الأطباء والجرحى والمسعفين على حد سواء ، وينذر الاحتلال أيضا بضرب المستشفيات المتبقية هناك في غزة مثل مستشفى القدس الذى يضم الألاف من الأطفال والنساء والمرضى ما لم يتم إخلاؤها فورا .

مخالفا بذلك الاتفاقيات الدولية التي تنص على عدم تعريض المستشفيات والمدارس ودور العبادة للخطر أثناء الحروب .

كذلك عدم سماح الاحتلال الصهيوني بدخول المساعدات الطبية والغذائية لسكان غزة المتضررين من انقطاع المياه والكهرباء ونقص الغذاء ..كل ذلك ينذر بخطر كارثي سيلحق بالملايين من سكان غزة .

ولقد فطنت القيادة السياسية المصرية إلى إنها ليست مجرد حرب ضد المقاومة الفلسطينية تستهدف القضاء على حركتي حماس والجهاد فحسب، وإنما هناك مؤامرة صهيوأمريكية – مخطط لها منذ زمن بعيد – لتوطين سكان غزة في سيناء تلك البقعة الغالية من الأرض على قلب كل مصري ، ودفع آلاف الشهداء حياتهم وبذلوا أرواحهم الطاهرة ثمنا لاستردادها من الكيان الصهيوني في حرب أكتوبر المجيدة 1973 .

وأيضا يستهدف الاحتلال الصهيوني تهجير سكان الضفة إلى دولة الأردن المجاورة لهم . وبهذا تموت القضية الفلسطينية إلى الأبد .

وفاتهم أن مصر لن تسمح بذلك ، وأن سيناء عادت إلى الحضن المصري والسيادة المصرية الكاملة ، فلن تسمح مصر بأن ينتقل الصراع إلى داخل الأراضي المصرية و تتخذها إسرائيل ذريعة لاستمرار الصراع ضد مصر.

وقد استجابت الحكومات العربية لنداءات الشعوب العربية المنددة بالحرب ضد الفلسطينيين ، فانعقد أولا في جدة بالسعودية اجتماع لجامعة الدول الإسلامية التي أعلنت موقفها الرافض لحرب إسرائيل على غزة ودعمها الكامل للقضية الفلسطينية ، ثم تلاه انعقاد اجتماع طارئ لقمة الجامعة الدول العربية بالقاهرة قلب العروبة النابض ، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة ، ورئيس الاتحاد الأوربي ومجموعة من ممثلي الدول الأوربية منها: اليونان ، وفرنسا ، وإيطاليا ، وقبرص ..فضلا عن ممثلي حكومات الدول العربية ..ولابد من تفعيل القرارات المهمة التي انتهت إليها القمة العربية ، وفى مقدمتها مطالبة إسرائيل وأمريكا بالوقف الفوري للحرب على غزة .

ولابد من توحيد الصف العربي ، ومن قبله توحيد الصف الفلسطيني في مواجهة العدو الصهيوني الغاشم ، لأنه متى اتخذ موقفا عربيا موحدا ضد الاحتلال الصهيوني ، عندئذ فقط يمكن للعرب التأثير في الرأي العام العالمي ، بل و إلحاق الأضرار الاقتصادية والسياسية بالكيان الصهيوني ، فالعرب بلا وحدة حقيقية (سياسية واقتصادية وعسكرية ) سيظلوا حبيسين أقفاص مصالحهم الخاصة حتى تدور عليهم الدائرة ، ويلتهمهم العدو الصهيوني الغاشم تحقيقا البلد منهم تلو الأخرى .

وأختم بالأبيات الشعرية لقائلها :

وإذا تركت أخاك تأكله الذئابُ

فاعلم بأنك يا أخاه ستستطابُ

ويجيئ دورك بعده في لحظةٍ

إن لم يجئك الذئب تنهشك الكلابُ

إن تأكل النيران غرفةَ منزلٍ

فالغرفة الأخرى سيدركها الخرابُ

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى