مقالات

مروة حسين تكتب.. “الأدب بين الثقافة والتفاهة”

 

كنت أتجول ما بين المكتبات لكي انتقي لابن شقيقتي كتاب به معلومات ثقافية تناسب عمره  كإهداء له في يوم مولده، حتي يدرك أن القراءة شيئًا مهمًا ، وأن الكتاب المدرسي مثله مثل أي كتاب آخر، فنسأل الله له الفلاح وعدم التهرب كمن يلدغه عقرب صحراوي كلما اقترب من الكتاب المدرسي!

ثم لفت نظري وأنا أفحص الكتب أن هناك شابين يبدوا على مظهرهما البلاهة واللامبالاة من ملابسهم الممزقة وتصفيف شعرهم المثبت لأعلى  مثل “الديوك” في موسم التزاوج .

لوهلة.. قلت لنفسي لعل الجيل الجديد لازال بخير وبدأ إدراك أهمية المعرفة التي محاها الإعلام أولًا ثم المنزل ثانيًا .

وكانت المفاجأة هو أن الشابين كانا يتساءلا عن كتاب” شمس المعارف ” الكتاب المُحرم دوليا ولا يوجد منه سوى النسخ المُحرفة لخطورة ما فيه من سحر، هو وجميع الكتب الأخرى التي تحتوي على معلومات للسحر و التي لا يوجد لها أي إفادة سوى تعلم الدجل والشعوذة !

لا أنكر أن روايات السحر والشعوذة انتشرت بين الشباب ، وهذا بدأ عند بث أحمد يونس الإعلامي من خلال برنامجه الشهير “ع لقهوه” البرنامج الذي كان يُصر المذيع على سرد حكايات مرعبة بطريقة مشوقة ومثيرة عن طريق المؤثرات الصوتية، البرنامج الذي حاز على شهرة واسعة من خلال تلك الحكايات الغريبة.

والذي حفّز الجميع  أيضا على شراء مثل هذه الروايات منذ صدور رواياته الأولى في الرعب، الرواية التي كانت بها كافة طرق استخدام السحر وأسماء الجان وأسماء أشهر كتب السحر عن طريق كتابة الحوار العامي أثناء سرد الرواية  حتي تتيسر لديهم المعرفة !

وبالتالي بدأ يتجه الشباب عديمي الوعي – وهم كثير وليسوا بقليل – بشراء هذه الروايات التي لا تنفع و لكنها تضر.

بالطبع تضر لأن هذه المعلومات المذكورة داخل هذه الروايات تزرع لدى قرائها الفضول والسعي وراء هذه المعلومات الخطيرة والأكثرية من الشباب، وبالطبع من الممكن أن تضرهم لأنهم يتعاملون مع عوالم خفية بجهل حرم الله التعامل معها.

حتى هؤلاء الكُتاب وهم كُتاب بالاسم فقط الذين لا يهتمون سوى بالشهرة فقط، ويسعون وراء ذلك لينالوا الصيت بين هؤلاء الجهلاء تحت بند القراءة والمعرفة،  وهؤلاء الكتاب لا يفقهون شيء سوى القراءة والكتابة فقط ، والمحفز الأساسي لديهم هم دور النشر، التي أصبحت كالمؤسسات التجارية لا تصلح سوى لبيع الملابس أو الأجهزة المنزلية؛ لأن الأهم لديهم هو حصد المال وليست المعرفة والتثقيف.

بل هناك دور نشر لا تقرأ المحتوى المُقدم للقارئ من الأساس  طالما معه الكثير من الأموال والكثير من “الفانز” على مواقع التواصل الاجتماعي، فالعمل المُقدم من الكاتب الذي يحتوي على تلك المواصفات المذكورة  هو الأولى بالنشر ويحق الإعلان عنه وبكثرة وبالتالي ينتشر كالجراد .

وأيضًا.. ليست روايات السحر فقط التي تباع وبشدة، بل هناك روايات بها إباحيات جنسية تُباع لمن هم دون سن السادسة عشر ، بالإضافة إلى الروايات التي تعتمد على البلاغة والمفردات أكثر من القصة والحبكة نفسها !

أما كتب العلم النافع فهي قليلة جدًا لعدم الإقبال عليها ، وربما لعدم الدعم الموجه لها، حتى الكتب الساخرة التي تقدم تنمية بشرية ونقد ساخر بشكل مبسط لا يباع منها سوى القليل، بينما المواهب الحقيقية فهم مندثرون لا أحد يعلم عنهم شيئًا طالما لم يقدموا محتوى تافه يُرضي الجمهور المُغيب الوعي .

ولك أن تتخيل أن هناك قوانين لبعض دور النشر حتى تفوز بالتعاون معها.. وللأسف منها ” إذا لم تكن غني ومعك ” فانز” وتقدم كل ما هو تافه ..فلست منا “.

رحم الله كُتابنا العظام الذين كانت تُترجم أعمالهم لكل اللغات مثل نجيب محفوظ وطه حسين و أنيس منصور وغيرهم من الكتاب المصريين، الذين سيظلون نجومًا عالية في سماء العالم العربي بل والغربي أيضًا ويتذكرهم العالم دون أبناء مصر !

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى