هند هيكل تكتب : إدمان الراحة..
إذا أردت أن تقضي على أمة فاشغل شبابها بتوافه الأمور وأصنع منهم مشاهير في الخيال والتمرد على الثوابت باسم الحضارة المزيفة، وأجعلهم مدللين حتى يصلوا لمرحلة إدمان الراحة فلا يتقبلوا أي عمل، ومن هنا يصيروا عالة على أهلهم ووطنهم، يقول الشافعي :” إياك و إدمان الراحة! إني رأيت ركود الماء يفسده.. إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطب”.
إدمان ” مساحة الراحة ” أو comfort zone مُضِرّ بالصحّة، هى المكان الذي تموت فيه أحلامك، ويسبب لك الكثير من المشكلات، كما أنها أكبر عائق أمام الابتكار والتغيير إلى الأفضل، سواء على المستوى الشخصي أو الوظيفي.
المقصود بالبقاء في منطقة الراحة هو تجنب أي نوع من المخاوف أو القلق أو تنغيص المتع والبقاء في عزلة عن الأحداث مع الإحساس بأمان زائف، الراحة مثل المخدرات، بمجرد أن تعتاد عليها, تصبح إدمان، إدمان الراحة موت مبكر ليس إلا.
إدمان الراحة، لها أعراض كثيرة، منها، كثرة النوم نهاراً والسهر ليلاً، استخدام الهاتف ووسائل التواصل الاجتماعي فترات طويلة، الكسل، الافتقار للطاقة، الإحساس بالاكتئاب، القلق الدائم، الخوف من آراء الآخرين، عدم الرغبة في ممارسة أنشطة رياضية أو اجتماعية..
سيطرة إدمان الراحة عليك تجعل منك شخص متقاعس عن وضع أهداف لتطوير الذات، وللتغلب على عدو التقدم عليك بتثقيف نفسك بالشيء المراد تغييره، تكرار المحاولة وعدم اليأس، اليقين بالوصول إلى ما تتمناه ما دمت تحاول.
يقولون أن مفتاحك لأحلامك هو مدى تحملك للألم أو المشقة، فكلما زادت سماكة جِلْدك وعقدت صلحاً مع الألم كل ما حققت ما تريده لأنك تغلبت على إدمان الراحة عدو التقدم، فكل شخص أدمن الراحة هو مجبر وليس مخير.
ما بين إدمان العمل وإدمان الراحة والنوم، الحياة تبقى توازن لا إفراط ولا تفريط، فهناك فرق ما بين روتين تحبه، ومنطقة راحة أدمنت عليها! إدمان الراحة يعيق تقدمك، ويشعرك بالتأنيب، ويفقدك الرغبة فى النوم والتركيز على الأمور الهامة، والاهتمام بتوافه الأمور، والتفكير في عثرات الماضي، ومخابئ المستقبل..
السبب الرئيسي لوجود شخص ناجح وأخر فاشل هي إدمان الراحة، وإدمان عدم التفكير، بسهولة كبيرة يمكن إدمان منطقة الراحة، ومحاولات الخروج منها يمكن أن تكون مخيفة، قد نخاف أن نندم، ونخشى الألم والأسى، ولكن الاستشعار الكامل للحياة لا يأتي إلا بالخروج منها، وهنا يحصل النضج..
يظن الكثير أن عدم أداء المهام المطلوب إنهاؤها هو راحة، فيفضل البعض عدم الصلاة على أداء الصلاة، ظناً منهم أن عدم الصلاة يجلب الراحة حتى وصلوا إلى حالة “إدمان لا فعل” الحقيقة أن المجهود النفسي المبذول في عدم الصلاة أكبر من المجهود البدني المبذول لأداء الصلاة ..