من كان يتصور أن بلداً عانت من حرب أهلية طاحنة راح ضحيتها حوالى مليون من أبنائها تستطيع أن تصل إلى ما وصلت اليه الآن وفى فترة زمنية قصيرة نسبيا.
تقع رواندا شرق وسط افريقيا وعاصمتها كيجالى وتتميز بتضاريسها المرتفعة وتتعايش فيها عدة ديانات وعرقيات.
تعرضت خلال النصف االول من القرن العشرين للاستعمار الألماني والبلجيكى، وبعد الاستقلال عانت من العنف القبلى والفساد السياسي والاقتصادي.
لغتها الرئيسة هي الكينيا رواند، إلا أن الإنجليزية هي اللغة الرئيسة في التدريس.
تسكن رواندا قبيلتان رئيستان هما الهوتو وهى الأكبر والتوتسى بنسبة أقل وخلال فترة الاستعمار عاشت القبيلتان معا يحكمهما ملك اسمه موامى وبالرغم من أوجه التشابه بين القبيلتين إلا أن ذلك لم يجنبهما المصير الدموي.
بدأت الأحداث في أبريل 1994عندما سقطت طائرة تقل الرئيس الرواندي نتاريا ميرا وقتل كل من في الطائرة واتهمت وسائل الإعلام المحلية التوتسى وحثت الهوتو على التدخل للقيام بواجبهم.
كانت جرائم القتل ممنهجة فبعد ساعات من سقوط الطائرة تم اغتيال رئيسة الوزراء وهي من الهوتو ثم تعاونت القوات الحكومية مع الميليشيات المسلحة من الهوتو وأقامت الحواجز علي الطرق فى كيجالى وبدات فى مهاجمة التوتسى وسرعان ما انتشر القتل فى المدن الأخرى.
انتهت أعمال القتل بعد مائة يوم في 4 يوليو 1994 عندما سيطرت الجبهة الوطنية الرواندية على كيجالى وخوفا من الانتقام هرب الهوتو المشاركين فى المذبحة الى الكونغو فى حين نهب مسؤولون خزائن الدولة وفروا الى فرنسا تلي ذلك تشكيل حكومة برئاسة بنزيمونجو وهو من الهوتو وعين كاجامى نائبا له.
وفى عام 2000 انتقل كاجامى للرئاسة وقيادة البالد وانتقلت رواندا من العنف والدمار إلى الوحدة والمصالحة بعد أن وضع كاجامى هدفين أمام عينيه هما اقتلاع الفقر من البلاد وتوحيد الشعب الذى قسمته المذبحة.
ومن أجل ذلك وضع كاجامى خطة للتغلب على آثار الإبادة منها مثال إلقاء خطاب سنوي يضع فيه هدفا سنويا لتوحيد الروانديين وتثقيف الشعب بالتعليم وتحقيق العدالة لأولئك الذين تضرروا من المذبحة وتقديم المجرمين للمحاكمة ووضع علم ونشيد ودستور جديد وحظر استخدام المسميات العرقية.
بعد ذلك وجهت الحكومة طاقتها للاقتصاد ووضعت رؤية 2020 التى شملت٤٤هدفا فى مجالات مختلفة وانتقلت رواندا بعد ذلك من أمة تعيش تحت خط الفقر الى أمة ذات دخل متوسط اذ اعتمد الاقتصاد على النهوض بالزراعة وتربية الحيوانات والتعدين والسياحة بل ويشكل القطاع الصناعى 18 بالمائة من الناتج الإجمالي وحدث تطور وصف بأنه الأسرع فى العالم .
وأصبحت رواندا إحدى أفضل البيئات لتأسيس الشركات الناشئة وتضاعف حجم الاقتصاد الرواندى ثلاث مرات خلال 15 عاما مع نمو وصل إلى 8 بالمائة وجذبت الإصلاحات التي أجرتها الحكومة الرواندية اهتمام العالم ونالت إشادة من البنك الدولي وغيره من المؤسسات الدولية حتى أن مؤخراً ابتدع رئيس الوزراء البريطاني السابق سوناك خطة غريبة لتوطين اللاجئين إلى بريطانيا في رواندا باعتبارها دولة آمنة إلا أن رئيس الوزراء الجديد ستارمر من حزب العمال نسف هذه الخطة الغريبة ودفنها تماما في أول قراراته بعد تولى المسؤولية.
أهدي هذا المقال لكل من قد يكون فارقه الأمل في الإصلاح والتطور.. وإهداء خاص جدًا للأخوة المتحاربين في السودان الشقيق.
زر الذهاب إلى الأعلى