تحدثت فى المقالة السابقة عن النمط السابع من الإنياجرام، شخصية “المتحمس” وتعد نظرية الإنياجرام من أفضل النظريات فى دراسة علم الشخصيات ومعرفة أسرارها وطرق علاجها، والتى تقسم الشخصيات إلى تسعة أنماط، بثلاثة عواطف سلبية رئيسية، وهي “الغضب، الخوف، الخجل” لكل شخصية اتجاه معين، وطريقة تفكير وطباع معينة تميزها عن غيرها من الصفات، ليدرك كل منا نقاط القوة الكامنة لديه ليسعى في تطويرها، ونقاط ضعفه ليسعى فى تقويتها والتعايش معها، وإمكانية العمل عليها أيضًا والتي تسمح لنا أيضًا بالتوصل إلى فهم الآخرين بشكل أفضل، وإلى اكتشاف بدائل لطريقة تصرفاتنا وسلوكياتنا الحالية..
الإنياجرام تقسم الشخصيات إلى ثلاث مراكز رئيسية، مركز العقل، مركز القلب، ومركز الجسد وتعد شخصية المتحدي هي إولى تلك الإنماط لمركز الجسد، ورأس مجموعة الغريزة في الإنياجرام، والتي تجعل لديه دافع دائم للسيطرة على الأمور، وتجنب المواقف التي لا يمكننا التغلب والسيطرة عليها، والتي تجعله يعبر عن عاطفته الرئيسية الغضب بطريقة جسدية، فيبدأ برفع صوته والقيام بحركات جسدية تعبر عن غضبه، ويطلق على تلك الشخصية المتحدي أو الزعيم أو القائد أو المسيطر، ويحرك تلك الشخصية العدالة والإجراءات والحزم، فهو يشغل باله كيف ينصف الآخرين وكيف يقيم العدل، ومن الذي يستحق ومن لا يستحق، لديه قدرة على الحزم وأخذ قرارات بشكل سريع جدًا، ويقيم الأشخاص بناءً على ذلك، ويكون انطباعات سريعة عن الأشخاص، وينتج ذلك من خلال معتقد رئيسي يؤمن به بأن “العالم مكان غير عادل فلا بد أن أكون قوي ولا بد أن أدافع عن الأبرياء، وأن أكون بالنسبة إليهم بطل ملهم”..
يقول صاحب هذه الشخصية عن نفسه: أحب أن أكون في موضع المسئولية وأعتبر نفسي قائدًا قويًا وأفضل أن يكون لدي السلطة والتحكم في الأمور لأديرها بشكل جيد، وأنا غالبًا ما أكون فظًا ومستبدًا لأن هذا هو ما تتطلبه القيادة الجيدة القوية، وأعبر عن نفسي بقوة وصخب ووضوح، أعشق الصراحة والمباشرة والوضوح، ومن الجيد أن أغضب بين الحين والآخر، وأضع أهمية كبيرة في أن أبدو قويًا وصادقًا، ويمكن الاعتماد علي، وأنا أعالج القضايا بطريقة مباشرة وواضحة، وأحب القوة والصراحة لدى الآخرين، وأستطيع غالبًا أن أكشف الشخص الذي لا يقول لي الحقيقة أو يكون ملتويًا في كلامه، كما أنني سأحمي الأبرياء خاصة إذا تعرضوا لظلم وهضم لحقوقهم، وأجد صعوبة في التغاضي عن الضعف الذي عند الآخرين، وإذا لم أكن متفقًا مع أصحاب السلطة أو لم يتقدم أحد لأخذ زمام القيادة فسأبادر واتدخل لأخذ زمام السيطرة، ومن الصعب علي ألا أعبر عن مشاعري حينما أغضب، وأنا غالبًا على استعداد أن أدافع عن أسرتي وأصدقائي.
يتمتع الشخص المتحدي بإرادة وحيوية هائلة، ويشعر بأنه يعيش حياته على النحو الصحيح حينما يستغل تلك القدرات في العالم من حوله، كما أنه يستخدم الطاقة الوفيرة بداخله لإحداث تغييرات في البيئة المحيطة به، فهو شخص يستطيع أن يترك بصمته وأثره في العالم، ولا يريد المتحدي أن يتحكم فيه أحد أو أن يسمح للآخرين بأن يملكوا القوة لكي يسيطروا عليه”خوفه الأساسي”، أيًا كانت هذه القوة : اجتماعية أو نفسية أو اقتصادية، فهو شخص يعشق خوض التحديات ويعطي فرصة للاخرين أن يتحدوه حتى يتجاوزهم ويتفوق عليهم، فهو شخص ذو كاريزما ولديه من الإمكانيات والقدرات الجسدية والنفسية ما تؤهلة لإقناع الآخرين بأن يتبعوه في جميع المجالات، بدءًا من تأسيس الشركة أو إعادة بناء مدينى بأكملها أو إدارة شئون المنزل أو شن الحرب أو صنع السلام.
رغبته الأساسية تكمن في اعتماده على نفسه، واستقلاله بذاته، وحماية نفسه من المخاطر، ويحاول دائمًا أن يظهر بصورة قوية، وتلك القوة يجب أن تكون مستقلة وغير معتمدة على أشياء حوله، تلك القوة التي تجعله يدافع عن الأبرياء في العالم الغير عادل من وجهة نظره، فهو من أقوى الشخصيات في أنماط الإنياجرام، ويكمن خوفه الرئيسي من تعرضه للأذى أو تقدم أشخاص آخرين عليه، يتدخل بشكل مباشر عند شعوره بعدم الإنصاف من قبل الآخرين، ليؤكد على معتقداته وقيمه وحماية من يعتبرهم ضحايا وأبرياء، يؤمن بتقسيم العالم إلى مجموعتين، الأقوياء والضعفاء، ويفضل أن يكون من بين مجموعة الأقوياء دون المجموعة الضعيفة، ولكن خلف هذا الوجه الجرئ ترى الوجه الطفولي له والذي يخفيه حتى عن نفسه، ولا يعترف به حتى لنفسه، يميل إلى اعتبار أفعال حازمة وجريئة، فهو يراها إعادة توازن للنتيجة، وإعادة سعي لإحداث حالة الإنصاف أو مقاومة الإعتداء الذي سيحدث، وإرجاع الأمور إلى شكلها الصحيح، ومن إيجابيات شخصية المتحدى الصراحة والحزم والوضوح، وأبرز سلبياته هي السيطرة، والتهور، تكوين إنطباعات سريعة عن الآخرين، جفاف المشاعر، فقدان التوجه.
وتتلخص نصيحة علماء النفس لشخصية المتحدي : أدرك جيدًا أنك حينما تقول الاشياء مباشرة كما هي، فإنها قد تخيف الآخرين بدون قصد، ولا تنسى أن تعبر عن تقديرك للآخرين بصورة دائمة وبشكل واضح.
