مقالات

د.حازم الشاذلي يكتب: لعنة الفراعنة التي أصابت هيوارد وتوت وكارنارفوند

 

كثيراً ما تجمع الحياة بين أسماء وتتلاقى أرواح لتنتج للبشرية تاريخاً يظل محفوراً على مدى الأجيال وهذا ماحدث بالنسبة لاكتشاف مقبرة توت عنخ آمون.

نشأ الانجليزي هيوارد كارتر نشأة متواضعة في بريطانيا ولم يتلق تعليماً يذكر ثم جاء إلى مصر شاباً صغيراً عام 1891.

وبدأ فى تعلم الرسم والنقش ثم عمل فى الاكتشافات الأثرية ببنى حسن وأصبح بعدها تحت وصاية عالم مصريات انجليزي هو بيتري.

وفى عام 1899 اكتشف بعض الأثار التى تعود للملكة حتشبسوت فى الدير البحرى ثم نقل إلى وظيفة بالمجلس الأعلى للأثار ثم استقال منها بسبب خلاف مع بعض السائحين الفرنسيين، وكان قد تعرف على تيودور ديفيز الثرى الأمريكي المغامر عاشق الأثار ، والذي حصل على حق التنقيب عن الأثار فى وادى الملوك بمساعدة الكثير من الأثريين ومنهم كارتر ولكنهما اختلفا بسبب التباين فى الطباع.

عاش كارتر بعد الاستقالة أياماً صعبة فى الأقصر وكان يقتات من رسم وبيع اللوحات، ثم جائت نقطة التحول فى حياته عتدما تعرف على اللورد كارنارفون أحد الأثرياء والهواة الباحثين والمتحمسين للكشف عن الأثار المصرية وكان على استعداد لتمويل بعثات كارتر الاستكشافية وبعد محاولات فاشلة لاكتشافات قيمة مل كارنارفون وقرر التوقف؛ إلا أن في النهاية قرر أن يكون موسم 1922 هو آخر موسم للتنقيب.

وفى 4 نوفمبر 1922 وبينما كان كارتر يقوم بحفريات فى مدخل النفق المؤدى إلى قبر رمسيس السادس لاحظ وجود قبو كبير فاستمر فى التنقيب إلى أن وصل إلى الغرفة التى تضم ضريح الملك توت وراح كارتر ينظر إلى الغرفة من خلال فتحة وعلى ضوء شمعه ليقول لمساعده أنه يرى أشياءاً رائعة كما ذكرت الروائية الكبيرة د ريم بسيونى فى افتتاحية روايتها الجميلة “أشياء رائعة”.

وترجع أهمية مجموعة توت عنخ آمون إلى أن هذا الكنز هو أكمل كنز ملكى عثر عليه ولا نظير له، وتوضح كيف كان القبر الملكى يعد، كما أن المقبرة تخص ملك يعتبر لغزاً تاريخياً بسبب توليه العرش طفلاً ووفاته فى الثامنة عشرة فدارت حول وفاته الشبهات خاصة بعد أن تزوجت أرملته من وزيره الذى قيل أنه دبر الاغتيال.

وقد قامت فى عهده ثورة بدأت من تل العمارنة ضد حركة والده الملك امنمحات الرابع أو أخناتون الذى دعا إلى التوحيد.

وقد خضع جثمان الملك إلى تجارب علمية كثيرة للبت فى كل الشكوك التى دارت حوله فأثبت التصوير المقطعى أن الفتحة فى الرأس ليست بسبب محاولة  الاغتيال وإنما لغرض التحنيط بعد الوفاة  وأوضح العالم المصرى الكبير د. زاهى حواس أنه ليس هناك أى دليل على أنه تلقى ضربة على الرأس كما أظهرت التحاليل الحديثة أن سبب الوفاة المبكرة ربما يكون بسبب مرض متلازمة مارفان وهى حالة وراثية وجاء تقرير علماء الأثار المصريين أن سبب الوفاة هو تسمم الدم نتيجة الغرغرينة التي أصابت كسرا في عظمة الفخذ.

وقد فتحت الشبهات حول حياة وممات الفرعون الصغير الغامض شهية بعض الروائيىين ، وأطلقت العنان للخيال الواسع فأفترض روائى كبير فى رواية مشهورة أن توت هو ابن متبنى لإخناتون.

وقد شاهدت من فترة قصيرة فيلماً مصرياً بعنوان “البحث عن توت عنخ آمون” من بطولة حسين فهمى وعمر الحريرى وجيهان نصر ومحمد منير  يتحدث عن كارتر ويعطى له صورة مثالية للغاية؛ وقد لا يكون هذا حقيقياً لأن الكثيرين تحدثوا عن حدة طباعه وغطرسته، كما أوضح هذا خلافه مع السائحين الفرنسيين.

  كما أنه بالتأكيد لم يكن من مؤيدى بقاء الكنز فى مصر بل دعا لنقله إلى لندن، كما أنه تدور الشبهات حول أن كارتر قد احتفظ ببعض قطع الكنز لنفسه.

وأخيراً عن لعنة الفراعنة التى أصابت كارتر وكارنارفون فأن هذه مجرد أوهام لم يقم عليها أى دليل علمى.

أما ما سيبقى حقيقة لاجدال فيها هو أن توت عنخ آمون سيبقى خير سفير لمصر على مر العصور.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى