ملهم الثورات.. 93 عامًا على رحيل سعد باشا زغلول زعيم الأمة
زعيم الأمة، وملهم ثورة 1919، جمع المصريين على اختلاف عقائدهم، وطبقاتهم، وفئاتهم، وأجيالهم، وكان بمثابة مثالاً بديعاً ومُلهِماً لدول العالم التي ترزح تحت نيّر الاستعمار، ومثالاً يُحتذى للثورة الشعبية التي رفعت راية التحرّر الوطني في وجه الاحتلال الأجنبي مطالبة بتحقيق الاستقلال التام .
سعد باشا زغلول.. هو من أشهر زعماء الدولة المصرية، وواحداً من أهم الشخصيات التي أسست تاريخ مصر، أسهم في بناء نهضتها الحديثة، وبقى اسمه محفوراً في تاريخ الوطن، وذكراه نبراساً ودرباً من الوطنية تسير عليه الأجيال القادمة.
كان مُلهمًا لثورات العالم، فقال عنه المهاتما غاندي الثائر الهندي: “إن سعد زغلول هو أستاذي في الوطنية، وأستاذ كل الحركات الوطنية الجديدة في الشرق”، واعتبرها “سعد” وسام.
وبعد وفاة الزعيم سعد زغلول، تحدث غاندي عنه خلال تواجده في لندن في العام 1931، فقال وفق ما ذكره مصطفى أمين: “لقد كان سعد زغلول أستاذي، قلدناه في حركتنا الوطنية، قلدناه في فكرة تأليف الحزب من طبقات، كلما اعتقل الإنجليز طبقة حلت مكانها طبقة أخرى، ولكننا فشلنا في أمرين نجح فيهما سعد، أولهما توحيد المسلمين والهندوس، كما وحد بين الأقباط والمسلمين، وثانيهما إضراب الموظفين”.
حياة زعيم الأمة سعد باشا زغلول
وليد زعيم الأمة في عام 1858 في بلدة أبيانة، إحدى قرى مركز فوه التابع لمحافظة الغربية آنذاك، ومحافظة كفر الشيخ الآن.
تعلم سعد باشا زغلول القراءة والكتابة وحفظ القران الكريم، وتعلّم مبادئ الحساب “الرياضيات”، ومع بداية عام 1873 ذهب إلى الجامع الدسوقي من أجل يتقن تجويد قراءة القران الكريم، ليلتحق بالأزهر الشريف منبر العلم آنذاك، ودرس هناك علوم الدين والفقه حتى أنه تتلمذ على يد الإمام محمد عبده وهو أشهر علماء الدين ومصلح ديني كبير، وكان سببا في أن يكون لديه البلاغة على الخطابة والأدب وأن يكون له أراء سياسية ووطنية.
استطاع سعد العمل في جريدة الوقائع المصرية، وهي من أشهر وأقدم الصحف المصرية آنذاك، وحصل على منصب معاون بوزارة الداخلية والتي كان اسمها أنداك “نظارة الداخلية”.
حياة سعد باشا زغلول السياسية
ظهرت براعة سعد باشا زغلول في التحدث عن مصالح الوطن السياسية والدفاع عن حقوق الوطن في الاستقلال، وكان ذلك سببًا في أن يتم نقله من وظيفته كمعاون لناظرة الداخلية إلى مجرد ناظر قلم الدعاوي في مديرية محافظة الجيزة آنذاك.
مارس زغلول المحاماة تسع سنوات فأبدع ولمع اسمه وعظم شأنه في أوساط القضاء، وكان يدافع عن الفقراء بغير مقابل، وفي عام 1892 عُيّن في وظيفة نائب قاضٍ في محكمة الاستئناف، فكان أول محام في مصر يُعين قاضياً، وبقي في القضاء أربع عشرة سنة .
وكان له تاريخ في النضال الثوري، فقد شارك في ثورة الزعيم أحمد عرابي وكتب العديد من المقالات المناهضة للاحتلال الإنجليزي، ثم قام بعمل محاميا وكان أحد أهم ركائز ودعائم إنشاء نقابة المحامين وكان ذلك حينما تولي حقيبة الحقانية والتي تعرف حاليا بوزارة العدل.
أنشأ قانون المحاماة في عام 1912 وهو الذي ينظم عمل المحامين، ثم ترأس الوفد المصري للمطالبة بالاستقلال من الاستعمار وذهب إلى انجلترا ولكن حاول الاحتلال تعجيزه من خلال إدعاء أنه ليس لديه صلاحية ليتحدث باسم المصريين فكان التحدي للمصريين الذين جمعوا توقيعات وكالة له ولرفاقه في الوفد من أجل المطالبة بحقوقهم في الحصول على الحرية وحينما فشلت خطة الاستعمار الانجليزي قاموا بنفيه إلى جزيرة مالطا مما دفع الشعب المصري ليقوم بثورة شعبية كبيرة في عام 1919، مما جعل الإنجليز يعيدون الزعيم إلى الوطن.
وبعد نجاح الثورة استطاع ترأس الحكومة وأطلق عليها وزارة الشعب ونجح عن طريق تلك الوزارة أن يؤسس الجامعة المصرية ونقابة المحامين.
وفاة سعد باشا زغلول
اشترى سعد باشا أرض ضريحه عام 1925م، وذلك قبل وفاته بعامين ليقيم عليها ناديا سياسيا لحزب الوفد الذي أسسه ليكون مقرًا بديلا للنادي الذي استأجره كمقر للحزب في عمارة «سافوي» بميدان سليمان باشا – وسط القاهرة – وقامت حكومة زيوار باشا بإغلاقه، وهذه الأرض يطل عليها من بيته ومساحته 4815 مترا مربعا.
وكلف سعد زغلول باشا كل من فخري بك عبد النور وسينوت بك حنا عضوا الوفد بالتفاوض مع بنك اثينا وهو الجهة المالكة للأرض، ولكن حكومة زيوار أوعزت للبنك بعدم البيع عنادًا لسعد زغلول حتى لا يستخدم الأرض في إقامة مقر لحزب سياسي.
توفي سعد زغلول في 23 أغسطس 1927م، واجتمعت الوزارة الجديدة في ذلك الوقت برئاسة عبد الخالق باشا ثروت، وقررت تخليد ذكرى الزعيم سعد زغلول وبناء ضريح ضخم يضم جثمانه على أن تتحمل الحكومة جميع النفقات، وبدأ تنفيذ المشروع ودفن سعد باشا مؤقتاً في مقبرة بمدافن الإمام الشافعي لحين اكتمال المبنى، كما أقامت حكومة عبد الخالق ثروت تمثالين له أحدهما بالقاهرة والآخر بالإسكندرية.
فضلت حكومة عبد الخالق ثروت وأعضاء حزب الوفد الطراز الفرعوني حتى تتاح الفرصة لكافة المصريين والأجانب حتى لا يصطبغ الضريح بصبغة دينية يعوق محبي الزعيم المسيحيين والأجانب من زيارته ولأن المسلمين لم يتذوقوا الفن الفرعوني وكانوا يفضلون لو دفن في مقبرة داخل مسجد يطلق عليه اسمه فأهملوه حتى اتخذ عبد الرحيم شحاتة محافظ القاهرة قرارا بترميمه على نفقة المحافظة كما وضعه على الخريطة السياحية للعاصمة.
ورحل سعد تاركًا وراءه واحدة من أبرز وأعرق الثورات في التاريخ، رحل تاركًا تاريخ من النضال الوطني ومسيرة الحركة الوطنية ما هو مدعى للتفاخر والتباهي من لجميع المصريين، تاركًا حزب الوفد ليدعم مسيرة الوطن بما يسهم في تحقيق البناء السياسي والاقتصادي، خصوصًا وأن مصر تواجه العديد من التحديات.
الوفد الذي يحمل لواء الوطنية المصرية، الملاذ الذى لا بديل عنه، التي لا تتحقق إلى بوجود حزب كحزب الوفد الذي يُعد واحدًا من أهم اللاعبين على الساحة السياسية المصرية باستراتيجيته القوية التي تعتمد بالدرجة الأولى على ثوابت الحزب العريق التي رسخ لها زعماء الوفد، وبما يتبناه من مبادئ وثوابت ترسخ المفهوم الحقيقي للمعارضة الوطنية القائمة على الالتزام والمسئولية وتستند إلى العمل بالقانون والدستور، بما يحافظ على الدولة الوطنية المصرية، وحقوق المواطن كاملة غير منقوصة.
أشهر أقوال سعد باشا زغلول
“الحق فوق القوة والأمة فوق الحكومة”.
“إن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية”.
“نحن لسنا محتاجين إلى كثير من العلم، ولكنا محتاجون إلى كثير من الأخلاق الفاضلة”.
“نحن لسنا بأوصياء على الأمة، بل وكلاء عنها، ولكن وكلاء أمناء، فيجب علينا أن نؤدي لأمتنا الأمانة كما أخذناها منها”.
“فساد الحكام من فساد المحكومين”.
“الرجل بصراحته في القول وإخلاصه في العمل”.
“أنا لا أستخدم نفوذ أي اسم كان للحصول على أية غاية كانت”.
“مفيش فايدة”.