دنيا و دين

تفاءلوا بالخير تجدوه

قلم / د. شيرين جودة نصر

كثير من الناس لا يرى الدنيا إلا بمنظار أسود ، متشائمون ، التفاؤل كلمة ليست فى قاموس حياتهم ، يتوقعون الأسوأ دائماً  بل وينتظرون حدوثه ليثبتوا وجهة نظرهم وأن البؤس هو نصيبهم الذى لن يروا غيره.

هؤلاء الناس للأسف تعساء لأنهم ليسوا فقط لا يشعرون ولا يرون جمال الحياة التى انعم الله بها عليهم ، بل لا يريدون ان يروها حتى يُرضوا الشعور بالبؤس والتعاسة بداخلهم.

إن كنت من هؤلاء الناس فاعلم أن هذا التشاؤم والنظرة السلبية للحياة ينبع من أفكارك انت فأنت وحدك القادر على تحويل دفة هذه الأفكار من النمط السلبى إلى النمط الإيجابي والذى من شأنه أن يشعرك بالسعادة والرضا والتفاؤل ويجعلك مؤمناً بأن حياتنا وما يحدث فيها من تدبير الله -عز وجل- وأنه جل شأنه هو الذى يرزقنا بالخير فى كل الأحوال حتى وان كان من وجهة نظرنا يبدو ليس فى صالحنا لكن الله سبحانه وتعالى يختار لنا الأفضل والأنسب والذى اذا ما تفكرنا فيه بهدوء وجدنا ان هذا هو الخير الحقيقي ولكن للأسف الإنسان قصير النظر.

والآن دعونا نتعرف على هذين النوعين من التفكير أي التفكير الإيجابي والتفكير السلبى وكيفية استخدام كل منهما والأثر الذى يتركه كل منهما علينا.

أولاً التفكير الإيجابي:

يعتقد الكثيرون أننا حينما نتحدث عن التفكير الإيجابي فإننا نحاول أن نزيف الواقع بمشاكله وتحدياته وان نوهمهم بأننا نعيش فى المدينة الفاضلة وان كل الأمور جميلة وسعيدة ولا يوجد منغصات على الإطلاق.

والحقيقة أننا نتعامل مع التفكير الإيجابي بشيء من التفاؤل وبطريقة تتيح لنا التفكير بشكل أهدأ وأبسط حتى نجد حلولاً ممكنة لتحديات الحياة مما يؤدى إلى تحمل الضغوط وتحسين الحالة الصحية والنفسية.

ويبدأ التفكير دائمًا بالحديث مع النفس ، فالحديث مع النفس هو ذلك الكم الهائل من الأفكار التى تتزاحم داخل عقلك ، والعقل مثل السويتش إما أن يكون إيجابياً  أو سلبياً وأنت وحدك من تستطيع تحويل دفته.

الآثار الصحية للتفكير الإيجابي

أثبتت الدراسات أن التفكير الإيجابي له نفع كبير وآثار صحية متعددة منها ما يلى:

•           إطالة أمد التمتُّع بالحياة الصحية

•           خفض مُعدَّلات الاكتئاب

•           تقليل مستويات الشعور بالتوتُّر

•           زيادة مقاومة الإصابة بالأمراض فالتفاؤل يؤدى الى رفع مناعة الجسم مما يقي من الأمراض

•           التمتُّع بصحة نفسية وبدنية أفضل

•           تحسين صحة القلب والأوعية الدموية، وتقليل مخاطر الوفاة الناجمة عن المرض القلبي الوعائي

كما أن الإيجابيين والمتفائلين يميلون إلى اتباع نمط حياة صحى مثل ممارسة الرياضة والابتعاد عن التدخين والكحوليات.

ثانياً : التفكير السلبى:

يمارس البعض منا أحياناً التفكير السلبى ولكن دون ان يشعر فإذا كنت تفعل هذه الأمور فاعلم أن حديثك مع نفسك سلبياً :

•           تضخيم الأخطاء على حساب الإيجابيات. مثال على ذلك : عندما يكون يومك رائعاً وقد انجزت فيه العديد من المهام ولكن حدث شيء سلبى خلال اليوم فتركز عليه وحده دون الشعور بالغبطة للإيجابيات التى أنجزتها.

•           اللوم الدائم للنفس على أي خطأ لا دخل لك به وإسقاطه على نفسك. مثال: شعورك بأنك شخص غير مرغوب فيه بسبب قيام اصدقائك بإلغاء موعد بينكم.

•           أن تكون ذو نظرة أحادية للأمور إما سلبية أو ايجابية أي بلا حلول وسط فتشعر أنك تحتاج لأن تكون مثالياً وإن لم تكن كذلك فأنت فاشل تماماً .

كيف تجعل تفكيرك إيجابياً:

إن اكتساب عادة جديدة لن يحدث بين عشية وضحاها فهو بالتأكيد سيستغرق بعض الوقت لكنه فى النهاية سيؤتى ثماره ، وممارسة عادة التفكير الإيجابي عملية بسيطة لكنها كما قلنا ستأخذ بعض الوقت وفيما يلي بعض الطرق كي تفكر وتتصرف بطريقة أكثر إيجابية وتفاؤلًا:

•           حدد الجوانب التي يمكن تغييرها. إذا كنت تريد أن تصبح أكثر تفاؤلًا ويكون تفكيرك أكثر إيجابية، فحدد أولًا جوانب الحياة التي تفكر فيها بطريقة سلبية عادةً، سواء أكانت العمل أو الانتقالات اليومية أو علاقاتك. يمكنك البدء بشكل بسيط من خلال التركيز على أحد الجوانب كي تفكر فيها وتتعامل معها بطريقة أكثر إيجابية. مثال على ذلك : لا تفترض مسبقاً أن يومك سيكون سيئاً اذا استيقظت متأخراً بل احمد الله على انه سبحانه منحك فرصة الحياة لهذا اليوم وقم بهمة لإنجاز ما هو مفترض انجازه فى هذا اليوم واسأل الله التوفيق بدلاً من أن تتعامل بتوتر مع كل الأشياء من حولك مما يفسد عليك يومك بالفعل.

•           قيّم نفسك. توقف وقيّم ما تفكر فيه بشكل متكرر خلال اليوم. وإذا وجدت أن أغلب أفكارك سلبية، فحاول إيجاد طريقة لوضع لمسة إيجابية عليها. فمثلاً لا تقل (هذا الموضوع معقد ولم افعله من قبل) ، ولكن قل (هذه فرصة جيدة لتعلم شيء جديد).

•           اجعل السعادة عادة. كن بشوشاً لا تترك للعبوس فرصة لاحتلال وجهك ، ابتسم فى وجه الاخرين وتذكر ان تبسمك فى وجه أخيك صدقة ، ابحث عن المرح فيما يحدث لك من مواقف صعبة ، تذكر أن بداخل المحنة توجد المنحة فابحث عنها ولا تصب جُل تركيزك على المحنة.

•           غير أسلوب حياتك. مارس العادات الجيدة مثل اكل الطعام الصحي ، ممارسة الرياضة مثل المشي الذى اثبتت الدراسات ان له القدرة على ضبط حالتك المزاجية ، والرياضة بصفة عامة تخلصك من التوتر والقلق وتوفر لك الصحة والطاقة لعقلك وجسدك.

•           خالط المتفائلين وابتعد عن السلبيين. قالوا قديماً فى المثل (من جاور السعيد يسعد) فحاول دائماً ان تختلط بالأشخاص الإيجابيين لأنهم سيمنحونك من طاقتهم الإيجابية ما يمكنك من أن تصبح مثلهم وتفكر بشكل فعال ، أما الأشخاص السلبيين المحبطين فابتعد عنهم ما استطعت لانهم يزرعون التعاسة أينما وجدوا ولن تجد منهم خيراً بل سيكونون مصدراً للألم والإحباط والكآبة.

•           حدث نفسك بإيجابية. لا تحدث نفسك أبداً بشيء يشوبه الإحباط أو التشاؤم بل قم بتشجيع نفسك دائماً على انك قادر على فعل ما فعله الآخرون بل وابتكار ما لم يفعله احد قبلك .

كلمة أخيرة …

أمرنا الله عز وجل بالأخذ بالأسباب والتوكل عليه  فهو سبحانه يحب المتوكلين …

افعل ما يتحتم عليك فعله وثق بالله وبقدرته على تغيير الواقع المؤلم إلى واقع جميل تتمناه وأجمل مما تتمنى .

وتذكر دائماً ……  تفاءلوا بالخير تجدوه

                                                                                                د/ شيرين جودة نصر

                                                                                    استشاري تنمية ذاتية وعلاقات أسرية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى