الأمم المتحدة: كورونا وراء ارتفاع الاتجار بالبشر في إفريقيا
حذر تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، من أن جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) قد ساهمت في زيادة معدلات الاتجار بالبشر ولاسيما في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
وأوضح تقرير الاتجار بالبشر لعام 2020 الصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أن الفقر الناجم عن فقدان الوظائف أو الفرص الاقتصادية الأخرى قد أدى على مدار العام الماضي إلى زيادة عدد الأشخاص الأكثر عرضة للاتجار بهم.
وقالت غادة والي المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة “إن الملايين من النساء والأطفال والرجال في جميع أنحاء العالم عاطلون عن العمل وخارج المدرسة وبدون دعم اجتماعي في ظل أزمة (كوفيد-19) المستمرة، مما يجعلهم أكثر عرضة للاتجار بالبشر.. إننا بحاجة إلى إجراءات هادفة لمنع هؤلاء المجرمين من استغلال الوباء واستهداف الضعفاء”.
وأكدت والي أن مكافحة الاتجار بالبشر تتطلب أيضا معالجة الأشكال ذات الصلة من الجريمة المنظمة العابرة للحدود بشكل فعال، فضلا عن جرائم الإنترنت والفساد، مشددة على حاجة الحكومات إلى معالجة الفقر والافتقار إلى مبدأ تكافؤ الفرص وزيادة الوعي.
وأظهر تقييم التقرير لدول إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، بما في ذلك كينيا وأوغندا وإثيوبيا، أن حوادث الاتجار الداخلي بالبشر كانت الأقل بين الحوادث المكتشفة للاتجار بالبشر حيث تعلقت 75% منها بضحايا متجهين إلى دول مجاورة، على الرغم من أن الشرطة ومكاتب الهجرة ووكالات الأمن الأخرى غالبا ما تتمكن من إحباط هذه الجرائم.
ووفقا للتقرير، فقد شكل الأطفال الذين يتم الاتجار بهم لأغراض الاستغلال الجنسي والسخرة والتسول، 30% من جميع الحوادث التي لوحظت في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وتتزامن هذه الحوادث مع الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها معظم دول القارة وعلى رأسها إغلاق المدارس للسيطرة على وباء كورونا.
ونوه التقرير الأممي بأن 75% من المهربين المقبوض عليهم في شرق إفريقيا من الذكور وجرى القبض على معظمهم على أرض الوطن أثناء تآمرهم على تصدير الضحايا خارج البلاد، ويشير ذلك إلى أن الوكالات الإقليمية كانت تعمل جاهدة للحد من ظاهرة الاتجار بالبشر.
ومع ذلك، تظهر البيانات أيضا أن عدد الأطفال الذين جرى الاتجار بهم قد تضاعف في غضون عامين.
وعلى الصعيد العالمي، انخفضت البيانات المتعلقة بضحايا الاتجار بالبشر من النساء إلى 50% حاليا مقارنة بـ70% في عام 2018، لكن في إفريقيا جنوب الصحراء ، شكلت النساء والأطفال 86% من ضحايا هذا الاتجار.
ونبه التقرير إلى أنه في إثيوبيا وحدها ينخرط أكثر من نصف الأطفال في مجال العمل، إلى جانب تشاد وبنين والنيجر ومالي والكاميرون وسيراليون.
ويقول باحثون في مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، إنهم قاموا بتقييم الاتجاهات على مدار العام الماضي على مستوى العالم ووجدوا أن المتاجرين يستهدفون المهمشين أو الأشخاص الذين يعيشون في ظروف صعبة مثل الحاجة الماسة إلى العمل أو وجود أوراق هجرة غير صالحة، مرجحا إمكانية تفاقم هذه الظروف مع استمرار الوباء.
واعتمد التقرير في نتائجه على البيانات التي ظهرت من تقييم 233 حالة قضائية تتعلق بالاتجار بالبشر، مشيرا إلى أن الضحايا الذين جرى إنقاذ معظمهم أو اكتشافهم أثناء محاولتهم السفر، قد أجبروا على الانخراط في عمليات تهريب مروعة لتلبية احتياجاتهم الأساسية.
وأوضح التقرير، الذي يصدر كل عامين، “أن جائحة كوفيد-19 ستزيد من تفاقم عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية، مما يزيد من عدد الضحايا المحتملين، كما أنها لم تحد من وصول الناس إلى الفرص الاقتصادية فحسب، بل إن محاكمة المتورطين في ارتكاب هذه الجرائم ستؤجل بسبب ظروف الجائحة، ما يحرم الضحايا من الحصول على العدالة”.
وحذر التقرير من التأثير السلبي لـ(كوفيد-19) على توفير إجراءات قانونية عادلة وفي الوقت المناسب، منوها إلى أن إطالة أمد الإجراءات الاحترازية والإغلاق يساهم في تراكم القضايا ويحد من الخدمات القانونية المقدمة لضحايا الاتجار بالبشر.
وعلى الرغم من أن التقرير لا يقدم صورا محددة عن كينيا، إلا أنها من بين العديد من دول إفريقيا جنوب الصحراء التي جرى تحليلها، حيث أشار التقرير إلى أن قانون مكافحة الاتجار بالبشر في كينيا عزز عقوبة الاتجار بالجنس والسخرة، وفرض عقوبات يصل مداها إلى السجن مدى الحياة أو دفع غرامات تقدر بـ30 مليون شلن كيني (حوالي 300 ألف دولار) إذا ثبتت إدانتهم.
إلا أن التأخيرات التي تسببت فيها جائحة كوفيد-19 وأجبرت المحاكم في الماضي القريب على إغلاق أو تأجيل القضايا قد تستمر في المستقبل إذا استمر الوباء بما يؤكد أهمية التوصل إلى حل بهذا الشأن.
جدير بالذكر أن تقرير مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة يتفق مع تقرير سنوي مماثل، تصدره وزارة الخارجية الأمريكية، قالت فيه العام الماضي إن الفرص الاقتصادية الشحيحة والفقر المدقع إلى جانب التشجيع الأسري أجبر العديد من مواطني شرق إفريقيا على مغادرة منازلهم، وأشار أيضا إلى عمليات عبور غير شرعية للحدود إلى كينيا من قبل إثيوبيين يسعون إلى مراعٍ أكثر خضرة في جنوب إفريقيا.