إن الضغوط النفسية بشكل عام تعتبر سمة من سمات الحياة فهي في بعض مستوياتها قد تكون مطلوبة إن لم تكن ضرورية؛ وذلك لتحفيز الفرد ودفعه إلى الانجاز وتحقيق النجاح، غير أن زيادتها عن الحد المناسب قد تفضي إلى مشاكل يصعب حلها لما لها من آثار سلبية على الصحة العقلية والبدنية؛ ذلك أن عدم الاهتمام بحالات الضغوط النفسية بشكل مناسب قد يؤدي إلى تفاقم الوضع وحدوث حالات الاحتراق النفسي. ومن هذا المنطلق، فإن الاحتراق النفسي ينظر إليه باعتباره المحصل النهائي للضغوط النفسية، أن ظاهرة الاحتراق النفسي، ظاهرة عامة في ميدان الخدمات الإنسانية والاجتماعية، والتدريب الرياضي واحد من هذه الميادين إن لم يكن أهمها، ويعتبر اللاعبون من أكثر الناس عرضة للاحتراق النفسي، حيث تؤكد نتائج العديد من الدراسات بأن الرياضيين هم أكثر الأفراد عرضة للإصابة بالاحتراق النفسي نتيجة للضغوط التي يتعرضون لها في أنديتهم ومراكز تدريبهم.
كما أن هذه الحالة غالبا ما تصيب الرياضيين الذين ً من يواجهون معوقات تحول دون انجازهم، فتسبب لهم نوعا الإحساس بالقصور والعجز عن تأدية الانجاز الرياضي بالمستوى المطلوب، وغالبا ما يترتب على هذا الوضع حدوث ضغط نفسي يحتم على الرياضي بأن يتكيف معه كي يقلل من إحساسه بالعجز، ويتميز هذا النوع من التكيف بتدني مستوى الدافعية والشعور بعدم الرضا.
فإذا كان الاحتراق النفسي يمثل حالة من الإجهاد والتوتر تنجم عن المهام والمسؤوليات وأعباء العمل المختلفة التي تزيد عن طاقة الفرد وتتواصل على حساب قدراته الجسمية والنفسية، وتتأثر بضغوطات العمل المختلفة فإن ذلك يبدو بوضوح من خلال الإصرار على تحقيق الأهداف ورغبته المطلقة في الانجاز سواء كان بمحض إرادته أو بتأثير البيئة التي يعمل فيها او قيم المجتمع السائدة .
كما أن معظم علماء النفس يرون أن من أهم أسباب ظاهرة الاحتراق النفسي هي صعوبات العمل الفيزيقية والإدارية والإنسانية، ويوجد الكثير من الأسباب من فرد لأخر من حيث وقعها النفسي عليه، بسبب اختلاف قدرة التحمل النفسي من فرد لآخر وطريقة تعامل الأفراد مع مسببات ومصادر الاحتراق، وكذلك بسبب الفروق الفردية بين الأفراد، وخبرات الفرد السابقة وطبيعة شخصيته ومفهومه لذاته، والقدرات والدعم الاجتماعي من البيئة المحيطة بالفرد .
الاحتراق النفسي: خبرة نفسية سلبية داخلية تتضمن المشاعر والاتجاهات والدوافع، وتشمل استجابات سلبية وغير ملائمة نحو الغير ونحو الذات ومفهومها.
• أعراض الاحتراق النفسي للرياضيين:
مجموعه من الإعراض تتمثل في
الأعراض النفسية
1- استنفاذ الطاقة الانفعالية.
2- الإجهاد العصبي.
3- التجرد من النواحي الشخصية.
4- الإحساس بعدم الرضا عن الانجاز بالمجال الرياضي.
5- إحساسه بالعجز وفقدان الاهتمام بنفسه وفقدان القدرة على متابعته وضعف الإبداع في المجال الرياضي. عراض الاجهاد والانهاك.
6- ارتفاع درجة التوتر والاستثارة والقلق وعدم القدرة على التحكم في الانفعالات .
7- زيادة الميل للشجار والمشاحنة .
8- ضعف الصلة بين المدرب واللاعب او بين اللاعب وزملائه وضعف التفاعل الايجابي مع الاخرين .
9- هبوط في مستوى الثقة بالنفس .
10- زيادة الحساسية عند توجيه النقد للاعب .
11- الخوف من الاشتراك في المنافسات او الخوف من الفشل .
12- انخفاض وهبوط الروح المعنوية وقوة الارادة والشعور بالاكتئاب
13- ضعف الدافعية وهبوط الحماس.
14 – عدم الاستقرار الداخلي والاحساس بالضيق .
15- التقدير السلبي للذات وللأخرين.
الاعراض الفسيولوجية
1- الارق والسهر , وارتباط النوم بالأحلام المزعجة.
2- فقدان الشهية للطعام .
3 – الاحساس بالتعب والالم العضلي .
4 – اعاقة في وظائف المعدة والامعاء .
5 – الزيادة الواضحة في درجة حرارة الجسم .
6 – الاحساس بالدوار .
7 – زيادة القابلية للإصابة بالعدوى نظرا لعدم قدرة الجسم على المقاومة.
8 – نقص السعة الحيوية للرئتين والشعور بصعوبة التنفس .
9 – طول فترة استعادة النبض لحالته الطبيعية .
ولا تظهر هذه الاعراض غالبا دفعة واحدة اذ غالبا ما تظهر الاعراض النفسية اولا , ثم الاعراض الوظيفية , والاعراض المرتبطة بمستوى , وهذه الاعراض جميعها تشكل علامات واضحة يسهل ملاحظتها وعلية يجب الانتباه لها للحماية من الوصول الى مرحلة الاجهاد او الانهاك .
هذه الأعراض التي يمكن أن تحدث لدى الإفراد الذين يقومون بأعمال تقتضي طبيعتها تعاملهم مع ونظرا لما لهذه الظاهرة من آثار سلبية تنعكس على الآخرين، وعلى العطاء الرياضي، وغير ذلك من الظواهر السلبية التي تدفعه في النهاية إلى ترك الرياضة. و لوحظ أن عددا كبيراً من اللاعبين يتركون ممارسة الرياضة ويتجهون إلى ممارسة أعمال أخرى، نتيجة للضغوط التي يتعرضون لها في تدريبهم. وقد أكد بعض الباحثين ذلك عندما وجد ان العديد من اللاعبين قد أصيبوا بالإحباط من ممارسة الرياضة وأنهم يفضلون ترك ممارسته.
وقد أصبحت عبارة الاحتراق النفسي (Burnout) شائعة الاستخدام وذلك لوصف الحالة النفسية للمهنيين الذين يعملون في مجال الخدمة الاجتماعية أو الإنسانية وللرياضيين الذين ً في التدريب المجهد من أجل ً متواصلا ً طويلا يقضون وقتا تحقيق الفوز والانجاز. والشخص الذي يتدرب باستمرار مع الأفراد تحت الظروف والمشاكل النفسية والاجتماعية والعاطفية والإجهاد والتعب المتواصل يمكن أن يصاب بالتوتر الذي قد يتطور إلى استنفاد انفعالي يؤدي إلى الاحتراق النفسي.
مواجهة ظاهرة الاحتراق النفسي
إن السيطرة والتحكم على الاحتراق النفسي تتطلب من المدربين الرياضيين ان يكونوا على علم بطرق المقاومة للاحتراق النفسي اذ يمكن ان يحللوا بشكل بناء ويوصلون شعورهم للأخرين وبهذا يقللون الاحتراق وقد اظهرت الدراسات الخاصة بأساليب مواجهة الاحتراق بان على المدرب ان يعود نفسه على بعض الخطوات التي تؤدي الى خفض الاحتراق ومن هذه الخطوات الآتي:
1- اعتياد الناشئ الأداء بثقة:
إن اعتياد ا لرياضي على الأداء بثقة يساعده على الاحتفاظ بروح معنوية عالية حتى أثناء الأوقات الصعبة من المباراة، إضافة إلى ذلك يجعل المنافس غير مدرك بالتحديد ما هي المشاعر التي تميز هذا اللاعب.
2- اعتياد الناشئ التفكير الإيجابي في قدراته:
يؤثر نوع تفكير الرياضي في مقدار الثقة، حيث يلاحظ أن بعض الرياضيين وخاصة قبل المنافسات الهامة يسيطر عليهم التفكير السلبي الذي يركز على نقاط القوة في المنافس، وفي المقابل
نقاط الضعف وجوانب النقص في قدراته وهذا النوع من التفكير السلبي يؤثر في ثقة الرياضي في نفسه, وفي تدعيم الحالة النفسية السلبية. لذلك من الأفضل أن يعتاد الرياضي التفكير الإيجابي الذي
يدعم ثقته في نفسه، كمراجعة خبرات النجاح السابقة, تذكر أفضل مستوى أداء سابق، التركيز على تحقيق أهداف الأداء وبذل الجهد بصرف النظر عن النتائج.
3- احتفاظ الرياضي بالحالة البدنية الجيدة
إن احتفاظ اللاعب بالحالة البدنية الجيدة يدعم حالته النفسية، فعلى سبيل المثال التغذية الصحيحة، زيادة الوزن، أو النقص الشديد للوزن يؤدي إلى نقص تقدير الذات وقيمة الذات,
وبالتالي ثقة الرياضي في نفسه. الأمر الذي يؤكد على احتفاظ اللاعب بالحالة البدنية الجيدة.
4- تقديم برامج وقائية من الضغط النفسي:
و تهدف هذه البرامج لمساعدة المدرب والإداري وكذا الرياضيين لفهم الضغوط النفسية وأبعادها المختلفة أساليب التعامل معها بشكل يساعد على القيام بخطوات عملية، وقد تشمل هذه البرامج ندوات وجلسات ودورات تدريبية.
باحثة علوم إنسانية
أخصائية تعديل سلوك الاطفال والمراهقين
وأخصائية إرشاد أسري
