دنيا و دين

نجلاء نادر تكتب .. “ضمادات القلب”

لَّا نُحب يعني أن تكون حياتنا فارغةً وباردةً، وأن نقع في شُح أو جفاف عاطفي شديد

.ولكن فشل العلاقات العاطفية، وما تسببه من ألم الفراق وكآبة الشعور بالفقد والهزيمة، قد يكون سبباً في وصول بعض الأشخاص  إلى حالات من الاكتئاب الحادّ والألم البدني، وتتفاقم في بعض الحالات لتتحول إلى أمراض نفسية حقيقية.

“الصدمات العاطفية”

هي رد فعل مفهوم ومؤقت على فقدان الحبيب ولا تسمى مرضاً أو اضطراباً إذا لم تتجاوز الحدود الواقعية ، وهي تستمر أسابيعاً أو أشهراً . ويمكن اعتبار الصدمات العاطفية أمراً طبيعياً في أي مرحلة عمريه.

أعراض الصدمة العاطفية

 تشمل القلق والتوتر ونقص التركيز والعزلة وتذكر المحبوب ومحاولة الاتصال به ورؤيته والحديث معه ، إضافة لتذكر الأحداث الماضية ومختلف أنواع الذكريات المرتبطة بالحبيب المفقود ، ويكون المزاج عادة متوتراً وحزيناً ، وتقل الشهية للطعام وتضعف الطاقة والهمة ، وبعضهم يهمل مظهره.. وبعضهم الآخر تتأثر دراسته أو عمله بشكل سلبي ويمكن له أن يرسب في دراسته وامتحاناته أو يتوقف عن الدراسة أو يستقيل من عمله . وفي حالات أخرى مرضية يمكن أن يصاب بنوبة اكتئابيه شديدة أو يحاول الانتحار.

مراحل الصدمة العاطفية

– الصدمة

تحدث الصدمة في الأيام الأولى من الانفصال، ويدخل الجسم في حالة من الحماية من الألم، فيكثر البكاء والصمت والنوم وكل الأعراض القوية، ويبدأ الدماغ في عرض كل الذكريات الجيدة للعلاقة، واللحظات المميزة في التي مرت.

– الإنكار

هذه المرحلة يحاول فيها الدماغ البحث عن مبررات لعودة العلاقة. ينكر فيها الانفصال ويبحث عن حلول أخرى أو يبقى على أمل، في عودة المياه إلى مجاريها، وهي مرحلة طبيعية تعيشين فيها لفترة، حتى تجاوز المرحلة.

– الغضب

بعد انتهاء أول مرحلتين، سوف تمرين بمرحلة من الغضب العارم، تبدئين في رؤية أمور لم تكن واضحة لك في أثناء العلاقة، وتبدأ مرحلة النقد لتصرفات الشريك ورؤية عيوبه. ويُفضل في هذه المرحلة الابتعاد تماماً عن أفكار الانتقام والمواجهة.

– فقدان الثقة في النفس

يصيبك في هذه المرحلة حالة خجل من نفسك وشكلك، وتكرهين فيها وجهك وملابسك، وتلومين نفسك على فشل تلك العلاقة، وتحمّلين نفسك ذنب عدم اكتمالها، وعليك أن تتعلمي أن جلد الذات لن يفيدك، ولن يزيدك إلا ألماً.

– القبول بالأمر الواقع

هذه هي المرحلة الأخيرة التي تبدأ فيها حياتك بالعودة إلى شكلها الطبيعي، وتبدأ فيها العلاقة تأخذ شكلاً منطقياً في عينيك، وقد تصلين إلى رضا تام عن انتهاء تلك العلاقة، وتبدئين في تفهم وجهة نظر الطرف الآخر ودوافعه.

تأثير الصدمة العاطفية نفسيا

– استمرار استرجاع الحدث والذكريات المؤلمة المحيطة به.

– كوابيس مستمرة مع صعوبات فى النوم .

– انفعالات مستمرة وعصبية وغضب .

– تغيير فى المزاج المعتاد .

– الشعور باللامبالاة .

– عدم الرغبة في ممارسة الأنشطة الحياتية .

– عدم الرغبة فى الأكل والشرب .

– الشعور المستمر بالإرهاق الجسدي .

– الانعزال عن الناس .

– الشعور بالصداع المستمر .

 طرق التعامل مع الصدمة العاطفية

– لا تنعزلي عن الناس. قاومي الرغبة في البقاء بمفردك، ولا تستسلمي للشعور بالوحدة و الحزن.

–  قاطعي وسائل التواصل الاجتماعي، ولا تنشري أي شيء يوحي بحالتك النفسية.

– تجنّبي تتبع الحبيب السابق على حسابه أو قراءة ما يفعله.

– غيّري من مظهرك ، و روتينك اليومي؛ لتتمكني من التغلب على الكآبة.

– مارسي الرياضة أو هواية كنت هجرتيها أو تمنيتى ممارستها.

–  تخلصي من الهدايا والتذكارات والصور القديمة التي تُذكرك به.

– تعرفي على أشخاص جدد متفائلين ومبهجين.

– تقربي الى الله لتسكن الطمأنينة قلبك.

علاج الصدمة العاطفية

يختلف تأثير الصدمة من شخصٍ لآخر، فالبعض يستطيع الشفاء منها في غضون أيام، والبعض الآخر تمتد فترة العلاج لأسابيع أو شهور طويلة، وفي بعض الأحيان قد يُشفى الشخص منها إلا أنّه يُعاني من اضطراب ما بعد الصدمة، وهو رد فعل يُعرف بالإجهاد والضغط الحاد للمصاب بسببها، وقد ينتج أحياناً عن عدم علاج الصدمّة بشكلٍ صحيح على يد أخصائي نفسي، فيظهر هذا الاضطراب عندما يظن المُصاب أنه شفي تماماً .

العلاج النفسي هو الأساس للخروج من الصدمة النفسية والتخلص من آثارها التي تحدثنا عنها سابقًا وما يعرف باضطراب ما بعد الصدمة .

فالإنسان الذى مر بصدمة نفسية يحتاج لشخص مؤهل ومختص لكى يرشده نفسيًا ويمسك بيده للعودة إلى حياته الطبيعية من خلال جلسات متخصصة وتدريبات نفسية وكذلك مشاركات في حوارات جماعية للتغلب على الحزن الناتج عن الصدمة فالتحدث إلى الآخرين ومشاركتهم همومنا يخفف منها ويساعد على تجاوزها .

نجلاء نادر

استشاري  نفسي واجتماعي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى