هيئة الكتاب تحتفي بذكرى الكاتب “محمد عبدالحليم عبدالله” في معرض دمنهور
نظمت الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، ضمن فعاليات دمنهور السابع للكتاب، المقام بمكتبة مصر العامة بدمنهور، تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، احتفالية بذكري الكاتب محمد عبد الحليم عبد الله، وذلك ضمن المبادرة الرئاسية «بداية جديدة لبناء الإنسان».
شارك في الاحتفالية الإعلامية حنان عبد الحليم عبد الله، الناقد الأدبي الدكتور رضا عطية، وأدارها الشاعر ماهر حسن.
في البداية أشار الشاعر والصحفي ماهر حسن مدير تحرير جريدة “المصري اليوم” إلى عدد كبير من رموز الأدب والسياسة والفكر ورجال الدين والرياضة والفن، بل وقادة انتصار أكتوبر الذين ينتسبون لمحافظة البحيرة.
وقال إنه كتب أكثر من مرة في زاويته اليومية في المصري اليوم «زي النهار ده» عن محمد عبد الحليم عبد الله الذي يمثل أحد رموز الرواية في الأدب العربي الحديث، وهو واحد من أبرز فرسان الرواية الرومانسية بمصر والعالم العربي، وأحد أعمدة الرواية العربية التي امتدت مسيرته فيها من عام 1947 إلى عام 1970، بدأها بروايته «لقيطة»، وأنهاها برواية «قصة لم تتم»، وعبر هذه المسيرة الممتدة على مدى ربع قرن أثرى محمد عبد الحليم عبد الله المكتبة العربية بسبع وعشرين رواية، شكلت إغواءً للسينمائيين وصناع الدراما فتحول العديد منها إلى أعمال فنية ومنها فيلم «ليلة غرام» عن رواية «لقيطة»، وفيلم «عاشت للحب» عن «شجرة اللبلاب»، فضلًا عن أفلام حملت الاسم الأصلي وهي «غصن الزيتون» و«سكون العاصفة» و«الليلة الموعودة»، لقد عنى عبد الحليم عبد الله في رواياته بالتعرض لآمال وهموم الفلاحين، وتطلعات وهموم أبناء الطبقة البرجوازية، فضلًا عما كانت تتميز به شخصياته الروائية بنزوعها إلى المثالية والفضيلة، وكانت المرأة بأعماله إيجابية ومحركة للأحداث، وفى مرحلة النضوج زاوج بين الرومانسية والواقعية.
وأضاف حسن: «ولد عبد الحليم عبد الله في 20 مارس 1913، بقرية كفر بولين التابعة لمركز كوم حمادة بمحافظة البحيرة. التحق بكتّاب القرية وأتم حفظ القرآن وتلقى تعليمه الأولى في دمنهور، ثم أتم تعليمه الثانوى في القاهرة وتخرج في كلية دار العلوم عام 1937، عمل محررًا في مجمع اللغة العربية.
بدأ مسيرته الإبداعية بكتابة الشعر، لكنه تحول إلى القصة والرواية. وقد حظي بالكثير من أوجه التقدير ومنها جائزة مجمع اللغة العربية عن رواية “لقيطة” عام 1947، وجائزة وزارة المعارف عن رواية “شجرة اللبلاب” عام 1949، وجائزة دار الهلال عن قصة “ابن العمدة”، وجائزة الدولة التشجيعية عن قصة “شمس الخريف” عام 1953، كما منح اسمه بعد وفاته وسام الجمهورية في 1972».
وأشار ماهر حسن في ختام حديثه إلى مقال الشاعر فاروق جويدة في الأهرام، والذي أشار إلى ما تعرض له محمد عبد الحليم عبد الله من ظلم نقدي، والذي أشار فيه أيضًا إلى أن محمد عبد الحليم عبد الله كان له تأثير واضح على فاروق جويدة كشاعر من حيث لغته الشعرية في أعماله التي تفيض بالرومانسية.
وبدأ الدكتور رضا عطية مداخلته، قائلًا: يتجاوز محمد عبد الحليم عبد الله، أحد أعلام الرواية العربية، كونه أديبًا يصنف غالبًا باعتباره منتميًا إلى الاتجاه الرومانسي في الكتابة، إلى كونه كاتبًا له شخصية خاصة مزج اللون الرومانسي بأسلوب الواقعية الاجتماعية، فيما تبدى من انشغاله بقضايا الطبقية، وكذلك انهمامه بقضايا المرأة والقهر الواقع عليها. واللغة في كتابة محمد عبد الحليم عبد الله تتمتع بنبض شعري من خلال المجازات والاستعارات المأخوذة من الطبيعة الحية.
ثم تناول عطية أجزاء من ثلاث روايات، وهي «لقيطة”»، و«بعد الغروب»، و«شجرة اللبلاب»؛ ليكشف طبيعة اللغة لدى محمد عبد الحليم عبد الله من حيث النبض الشعري، المكون للصور الفنية التي تميل إلى وصف الطبيعة في ريف مصر في النصف الأول من القرن العشرين.
وأرجع عطية الظلم النقدي الذي وقع على الروائي عبد الحليم عبد الله إلى أسباب عدة، السبب الأول: زهده وقصر عمره، السبب الثاني: سيادة إيديولوجية نقدية في فترة الخمسينيات والستينيات لا تهتم إلا بالأدب الواقعي، والسبب الثالث: أن الدرس النقدي المصري لم يهتم بالمنهج الأسلوبي إلا في الثمانينيات مع صدور مجلة «فصول»، وهو المنهج المناسب لقراءة أعمال محمد عبد الحليم عبد الله الروائية وكشف جمالياتها.
ثم تناولت الإعلامية حنان عبد الحليم عبد الله لقطات من رحلته الإنسانية، وبدأت قائلة: أشكر الدكتور رضا عطية كونه أشار إلى البعد الواقعي في كتابته، هذا البعد قد تغافله النقاد على الرغم من وجوده في كل أعماله، منذ عمله الأول «لقيطة».
وأضافت والدي لم تكن لديه ازدواجية لا في الحياة ولا في الكتابة، ما يعيشه يكتبه وما يكتبه يحياه، يعيش ويكتب بصدق، كنا نعيش في آفق عائلة ممتدة، مهم جدًا العلاقات الاجتماعية في الأسرة والواجبات والحقوق، كان والدي يضع أمه وزوجته (أمي) وأهل قريته في عينيه.
كان شديد التأثر بأمه ورث عنها الذوق والميول الأدبية، ومحبة قراء القرآن الكريم والمنشدين، ومادحي الرسول صلى الله عليه وسلم، أبوه يتحمل نفقات تعليمه في القاهرة ولكن أمه هي التي أرسلته إليها، ومن محبة أمه تكوّن لديه خط دفاع فطري تجاه المرأة، ويكفي أنه كتب ثلاث روايات أبطالها من النساء، وكان مشغولًا جدًا بالمرأة وهمومها. وعلاقته بأمي كانت علاقة نموذجية فقد تزوجها زواجًا تقليديًا، إلا أن علاقتهما كانت تقوم على المحبة والاحترام والقدسية، وعندما توفي أبي، قالت أمي: أعيش لكم حتى ألقاه، كان أبي مربيًا ومعلمًا بمعنى الكلمة، أثر في طباع أمي، واهتم بتفصيل حياتنا كل صغيرة وكبيرة.
كان يحب قريته جدًا، يذهب إليها كثيرًا، لم ينفصل عنها يومًا، مات بها ودفن فيها. هو سندي حتى اليوم وأثناء عملي كان سندي، لم أسمع عنه كلمة سيئة يومًا.
واختتمت كلمتها: كانت مبيعات كتب محمد عبد الحليم عبد الله أعلى مبيعات في الرواية العربية، إلى أن حصل نجيب محفوظ على جائزة نوبل، فأصبحت أعماله الأعلى مبيعًا.