معرض رأس البر للكتاب يستعرض تراث دمياط وفنون الحرف التقليدية
نظمت الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، في مقرّ مكتبة مصر العامة بعزبة البرج بعنوان ضمن فعاليات معرض رأس البر الخامس للكتاب، المقام تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة ندوة بعنوان «تراثنا في دمياط.. فنون ومهارات الحرف التراثية»، شارك فيها كل من الباحث في التاريخ محمد القبرصلي، وجامعة التراث غير المادي أحلام شحاتة، والشاعر سامح الحسيني، وأدارتها الباحثة آية حسام.
وقد استهل القبرصلي حديثه عن دمياط، وأهم الفنون والحرف والصناعات التي ميزتها عن غيرها من محافظات مصر، مثل مهنة السَيْرَجة وهي استخدام الحيوانات في عصر الزيوت، وأشهرها صناعة زيت السمسم، وتصديره إلى الشام مقابل زيت الزيتون.
ثم تحدث عن حرفة النجارة العربية في دمياط، وتميز الأثاث ببصمة النقش العربي، وبراعة الفنان التقليدي فيما يعرف بفنّ الأرابيسك الذي ميز الأثاث الدمياطي عن غيره، فكانت هناك المشربيات المصنوعة من الأرابيسك بالقوس والإزميل، كما اشتهرت بصناعة الحلوى والأجبان، وصناعة الملابس الكتانية والحريرية وصناعة الأحذية، والحرف القائمة على النخيل، وأهمها القفاصين والخواصين، ومنها صناعة السدد والكِياب التي قام الباحث بوصفها وصفًا دقيقًا، وعرض شكل السدد والكِياب القديمة، التي تتكون من الغاب وورق نبات البردي الذي يتجمع على الجسور القريبة من النيل، وتدخل في بناء الأعشاش التي اشتهرت بها رأس البرّ.
وأشار القبرصلي إلى أن صناعة الأجبان دخلت إلى دمياط حين اشترى المصريون ماكينة صنع الجبن من باريس، بعد توقف استيراد الجبن من تركيا أثناء الحرب العالمية الثانية.
ثم انتقل الحديث إلى أحلام شحاتة التي تحدثت عن تجربتها في جمع التراث الثقافي غير المادي لدمياط، ضمن فريق العمل في إحدى مشروعات اليونيسكو، والذي يشمل الفنون والحرف، قائلة: إن المهم في دراسة الحرف ليس الجانب المادي للحرفة، أو الآلات المستخدمة فيها؛ ولكن المهم المهارات والخبرات التي اكتسبها الحرفي من بيئته، وعاداته وتقاليده التي تمكنه من صناعة حرفة تميز المكان، وانتقلت إلى وصف مهارات حرفة الكياب وصيد الأسماك ومهارات الزراعة، وخاصة زراعة النخيل في فارسكور.
ثم انتقل الحوار إلى الشاعر سامح الحسيني الذي تناول الحديث عن فنون دمياط التراثية من جوانب وجدانية، قائلًا: إن لمدينة دمياط صلابة الفولاذ، وروح الفراشة التي تحوم حول سكانها ومبانيها، لافتا إلى أن دمياط كانت خلية نحل.. الخشب في كل مكان، وبكل الأنواع وتتنوع الحرف المرتبطة بصناعة الموبيليا من نجار وأيمجي، واستورجي، ومدهّباتي، ومنجد، وغيرهم.
وعالم الصنايعية له طقوس خاصة، ولغة مخصوصة، وكل ورشة لها تاريخها وتخضع لنظام صارم في ترتيب عملها من الصبي إلى الأسطى مرورا بالمساعد، وكان الأسطى النجار من أعلى طبقات المجتمع، كما أن الأدوات المستخدمة لكل ورشة لها تقاليدالعمل بها.
وأضاف كانت هناك صناعات أخرى أهمها “ضرب الأرز” وتصديره ومقايضته بسلع أخرى أهمها الأخشاب، فاشتهرت بدمياط مجموعة من الدواوير (أماكن ضرب الأرز) مثل دوار أبو هندية بشارع السلطاني، ودوار الطويل بشارع محمد علي الشاذلي وغيرهما.
ويوجد في دمياط أقدم خامس المساجد على مستوى إفريقيا، وهو “المعيني” ذو المعمار الإسلامي المهيب، وكذلك أقيمت فيها أول كنيسة للمارونية وكانت تسمى البارجة، وفيها عاش الذين تصدوا لوباء الكوليرا حينما اجتاح مصر.
والمسجد والكنيسة بهما أشكال مميزة من العمارة والنجارة ذات الطابع الخاصّ بدمياط، ومنها نجارة العاشق والمعشوق والأرابيسك، كما أشار إلى وجود أكثر من قلعة؛ منها طابية عرابي الموجودة في عزبة البرج.