للمرة الأولى منذ استقلالها.. السنغال تعتمد رسميًّا العربية لغة رسمية بدلًا من الفرنسية
أعلنت الحكومة السنغالية التخلي عن اللغة الفرنسية لغةً رسمية، واستبدالها باللغة العربية معتمدًا رسميًّا للجمهورية.
وجاء قرار الحكومة السنغالية بعد اجتماع لمجلس الوزراء عُقد يوم أمس الأحد.
ويأتي هذا القرار كخطوة غير مسبوقة في ظل التحولات السياسية التي تشهدها السنغال، بعد فوز المعارض الشاب، باسيرو فاي، بالانتخابات الرئاسية قبل أسابيع وتوليه منصب “رئيس السنغال“.
يذكر أن الرئيس السنغالي الجديد، باسيرو ديوماي فاي، طمأن شركاءه في البلاد بأنّهم سيبقون “الحليف الآمن والموثوق به”، وذلك في أول خطاب يلقيه منذ الزلزال السياسي الذي أحدثه فوزه التاريخي من الدورة الأولى.
وقال الرئيس المنتخب في خطاب متلفز، في 26 مارس الماضي: “أودّ أن أقول للمجتمع الدولي ولشركائنا الثنائيين والمتعدّدي الأطراف، إنّ السنغال ستحتفظ بمكانتها دائماً، وستظلّ البلد الصديق والحليف الآمن والموثوق به، لأيّ شريك سينخرط معنا في تعاون شريف ومحترم ومثمر للطرفين“.
وشدّد ديوما فاي على أنّه بانتخابه، “اتّخذ الشعب السنغالي خيار القطيعة” مع النظام القائم في البلاد، إلا أنه أشار إلى أنّه “يعتزم العمل من أجل إحداث تغييرات داخل الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إكواس)”.
وعلى الصعيد الداخلي، أكّد فاي أنّ المشاريع ذات الأولوية في عهده ستكون “المصالحة الوطنية وإعادة بناء المؤسسات”، بالإضافة إلى “تخفيض كبير في تكاليف المعيشة”، مضيفاً: “أنا ملتزم بالحكم بتواضع وشفافية وبمحاربة الفساد على المستويات كافة“.
هذا وتتمتّع السنغال بالاستقرار خلافاً لجيرانها وتُعتبر أحد ركائز هذه المنظمة الإقليمية التي هزّتها منذ 2020 انقلابات عسكرية في العديد من دولها الأعضاء.
يذكر أن نتائج الانتخابات الرئاسية، التي جرت في السنغال، نهاية الشهر الماضي، أكدت الجذور العميقة لتطلعات الشعب في السنغال إلى الانعتاق من أنماط نظم الحكم، التي ارتبطت بالاستعمار الغربي، أو تلك التي دخلت في علاقات مخادمة مشتركة مع الدول المستعمِرة، بُنيت على قاعدة الحكم في مقابل السيادة والثروات.
ووفقاً لهذه القاعدة، مكّنت الدول الاستعمارية عدداً ممن توافرت لديهم القابلية للاستعمار من حكم أوطانهم، فأقاموا فيها حكماً عضوضاً، جارَ على الوطن والمواطنين، وأفرغ الاستقلال الوطني من كل قيمة ومضمون.
لم تألف دول العالم الثالث رسوخاً للتجربة الديموقراطية في أقطارها، كما لم تألف انتظاماً للعمليات الانتخابية فيها. وبالتأكيد، لم تعرف سقوطاً وفشلاً انتخابيَّين لمرشحي السلطة، وكل ذلك سقط في السنغال لناحية رسوخ تجربتها الديمقراطية، وقدرة الناخب على اختيار حاكمه بإرادة وطنية حرة، وهذا الذي جسّدته .
ولعل الخطاب التحرّري -إثر نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة في السنغال التي نصبت مرشح حزب “وطنيي السنغال من أجل العمل والأخلاق والأخوّة”، باسيرو ديوماي فاي، رئيساً للبلاد- صنع له رافعة أجلسته في كرسي السلطة الأول والأهم.
ويلاحظ القارئ، من دون عناء، في خطاب باسيرو وحزبه مفردات تحمل مضامين تحررية واستقلالية كثيفة وشديدة الوضوح. فللتحرر عند باسيرو بُعدان: أولهما بُعد يتصل بمفاصلة مطلوبة مع “الاستعمار” الفرنسي، عبر أبعاده السياسية والاقتصادية ليتحقق التحرر من أنماط الحكم التي وظفت مقدرات البلاد وثرواتها لمصلحة “الاستعمار” والطبقة الحاكمة عبر التاريخ في ظل حقبة الحكم “الوطني“.
والبعد الثاني حضاري يهدف إلى تحرير السنغال من هيمنة الثقافة واللغة الفرنسية.
لقد طرح باسيرو رؤية جديدة تتأسس عليها علاقات بلاده الخارجية، بناها على 4 ركائز: الركيزة الأولى هي استعادة السيادة الوطنية، التي عدّها مرهونة للخارج. والثانية هي تحرير ثروات بلاده من القبضة الغربية. والثالثة هي الوحدة الأفريقية. أمّا الركيزة الرابعة فهي تأسيس علاقات السنغال على ما سمّاه التعاون الشريف والمحترم والمثمر.