اقتصاد

“معلومات الوزراء”: مصر أطلقت عددا من الخطط الداعمة للتمويل الأخضر

قال مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، إن الحكومة أولت اهتماما خاصا بتوفير التمويل المناسب؛ لحماية النظم البيئية واستدامتها، والوصول إلى اقتصاد أخضر كفء منخفض الكربون، وذلك في ضوء التزامها ببنود اتفاق باريس، التي وقعت عليه في عام 2016، وكذلك الأجندة الوطنية للتنمية المستدامة “رؤية مصر 2030” الهدف الخامس منها بشأن “نظام بيئي متكامل ومستدام”، إذ يراعي حماية البيئة والموارد الطبيعية من أيه عوامل تؤدي إلى استنزافها أو نضوبها، إلى جانب زيادة الاعتماد على الموارد البديلة المتجددة.

جاء ذلك في التقرير الذي اصدره مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار ب مجلس الوزراء جديداً بعنوان “تخضير النظام المالي العالمي.. نحو اقتصاد أكثر استدامة”، واستعرض خلاله جهود الدولة المصرية في توجهها نحو الاقتصاد الأخضر.

وأشار التقرير ، إلى أن الحكومة أطلقت عددًا من الخطط الداعمة للتمويل الأخضر، ما يتسق مع المستجدات التي تطرأ على الساحة الدولية، ويدعم المسار التنموي الوطني، من خلال إتاحة أدوات وآليات مبتكرة أكثر تحفيزًا للاستثمارات الصديقة للبيئة، فعلى الرغم من أن مصر تسهم بنسبة 0.6% فقط في انبعاثات الغازات الضارة، فإنها مُعرضة لمخاطر تغير المناخ، و وضعت مصر هدفًا نحو تحقيق مساهمتها في التخفيف من انبعاثات غازات الدفيئة، من خلال تقريرها الأول في عام 2018، ثم تقدمت بالنسخة المحدثة قبيل استضافة البلاد لقمة الأمم المتحدة للمناخ COP27 في شرم الشيخ في نوفمبر 2022.

ولفت إلى أن 42% هي النسبة المستهدفة من الطاقات المولدة من الطاقة الجديدة والمتجددة في مزيج الطاقة لقطاع الكهرباء بإجمالي خفض الانبعاثات 80 مليون طن ثاني أكسيد الكربون المكافئ، وذلك بحلول عام 2023 عوضاً عن إجمالي خفض 70 مليون طن ثاني أكسيد الكربون المكافئ بحلول عام 2035، وهو آخر تحديث تم على تقرير المساهمات المحددة وطنياً 2030 في يونيو 2023.

وأوضح التقرير ، أنه تكليلًا لمساعي تهيئة البيئة المواتية للاستثمارات الخضراء، شهدت مصر في السنوات الأخيرة نموًّا في قنوات التمويل الأخضر؛ مما يعكس قدرة الدولة على تنويع مصادر وأدوات التمويل، وحرصها على توسيع قاعدة وشرائح المستثمرين الدوليين، مع الحصول على ضمانات من المؤسسات الدولية لخفض تكلفة التمويل.

واستعرض التقرير قنوات التمويل الأخضر ومنها،السندات الخضراء، حيث بلغت قيمة إصدار أول سندات سيادية خضراء عبر تفعيل أدوات التمويل المبتكرة لتمويل مشروعات التمويل الأخضر 750 مليون دولار وذلك في سبتمبر 2020، و تصدرت مصر المنطقة في إصدار أول سندات سيادية خضراء.

و أضاف أنه تم تخصيص 100% من عائدات السندات الخضراء لتمويل مشروعات النقل النظيف والإدارة المستدامة للمياه والنفايات، كما نجحت مصر، كأول دولة في الشرق الأوسط وإفريقيا أيضًا في إصدار سندات “الباندا” المستدامة بسوق المال الصينية، بنحو 3.5 مليار يوان صيني (بما يُعادل 500 مليون دولار)، بعائد منخفض 3.5% سنويًّا لأجل 3 سنوات في أكتوبر 2023، ورغم حداثة دخول مصر في سوق السندات الخضراء فإنها جاءت ضمن قائمة الأسواق الناشئة المُصدرة للسندات الخضراء وذلك وفقاً لبيانات مبادرة سندات المناخ (climate bonds initiative) عام 2022، إذ جاءت كثاني أكبر دولة أفريقية من حيث إصدارات السندات الخضراء بعد جنوب أفريقيا بقيمة 800 مليون دولار خلال الفترة من (2014- 2022).

ولفت إلى القروض المستدامة، حيث بلغت قيمة التمويل الأخضر المستدام، التي نجحت مصر في الحصول عليها من البنوك الدولية نحو 1.5 مليار دولار في نوفمبر 2021، حيث نجحت مصر في الحصول على التمويل الأخضر والمستدام من نحو 26 مؤسسة مالية ودولية وإقليمية، إضافة إلى التمويل المستدام، الذي تم الحصول عليه من بنك “دويتشة”، و”abc” بقيمة نصف مليار دولار في نوفمبر 2023، بضمان من المؤسسة العربية؛ لضمان الاستثمار ومخاطر الصادرات “ضمان”؛ حيث أصبح التمويل المضمون واحداً من أهم وسائل خفض تكلفة التمويل في ظل ارتفاع معدلات الفائدة السارية دولياً.

وفي إطار تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050، أوضح التقرير أن الدولة تعمل على زيادة حجم الاستثمارات الموجهة للمشروعات الحكومية التي تتضمن بعدًا بيئيًّا؛ من خلال زيادة نسبة الاستثمارات العامة الخضراء من جملة الاستثمارات العامة من 15% عام 2020/ 2021، إلى 30% عام 2021/ 2022، وصولًا إلى 40% للعام المالي 2023/ 2024.، كما تبلغ النسبة المستهدفة من الاستثمارات العامة الخضراء من جملة الاستثمارات العامة 50% خلال العام المالي 2024/ 2025، وبلغت قيمة الاستثمارات العامة الخضراء في خطة العام المالي 2022/ 2023 نحو 410 مليارات جنيه وتم توجيهها إلى قطاعات مختلفة وهي، (النقل، والإسكان، والزراعة والري، والطاقة، والاتصالات، وتحسين البيئة، والتعليم، والصناعة، والسياحة)، وقد كان 78% من الاستثمارات العامة موجهة إلى التخفيف من آثار التغير المناخي، و22% موجهة إلى مشروعات التكيف مع آثار هذه التغيرات.

وأشار إلى جذب القطاع الخاص نحو الاستثمارات الخضراء: حيث تم تبني عدد من المبادرات التي تتيح للقطاع الخاص الاستثمار في مجالات عدة، وأهمها: إطلاق المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية في أغسطس 2022، والتي تستهدف وضع خريطة ذكية على مستوى الجمهورية للمشروعات الخضراء الذكية، وجذب الاستثمارات اللازمة لها في مشروعات خضراء، وعلى سبيل المثال تحويل المخلفات إلى طاقة، والاستثمار في المخلفات الزراعية، والاستغلال الاقتصادي الأمثل للمحميات الطبيعية، وتم إقرار إعفاءات ضريبية تتراوح بين 33% – 55% على الدخل المكتسب من مشروعات الهيدروجين الأخضر التي ستبدأ الإنتاج خلال السنوات الخمس المقبلة، وإعفاء معدات وآلات الإنتاج والمواد الخام اللازمة لهذه المشروعات من ضريبة القيمة المضافة.

وتضمنت القطاعات التي استفادت من التمويل الأخضر في مصر في عام 2023، القطاعات الأعلى إصدارًا للانبعاثات الكربونية على مستوى العالم وفقًا للوكالة الدولية للطاقة، وفي مقدمتها: قطاع الطاقة، والصناعة، والنقل، والبناء، لذا جاءت المستهدفات متطلعة نحو تعزيز مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة والنقل النظيف، وخلق بنية تحتية خضراء، وتشجيع التصنيع المستدام، والزراعة المستدامة والإدارة المستدامة للمخلفات.

وتم استعراض هذه القطاعات كالتالي
أولا التمويل الأخضر للطاقة المتجددة – ويُعد قطاع الطاقة المتجددة أحد القطاعات الرئيسة التي يركز عليها التمويل الأخضر في مصر؛ ففي ظل مستهدفات الاستراتيجية المصرية للطاقة حتى عام 2035، من المستهدف الوصول بنسبة مساهمة الطاقة المتجددة إلى 42% من إجمالي الطاقة الكهربائية المنتجة في عام 2035، مع توفير طاقة الرياح بنسبة (14%)، والطاقة المائية بنسبة (2%)، والطاقة الشمسية بنسبة (26%).

ومن المتوقع أن يوفر القطاع الخاص معظم هذه القدرة خلال الفترة المتوقعة؛ حيث افتتحت مصر عددًا من مجمعات الطاقة الشمسية ومزارع الرياح، بما في ذلك مجمع بنبان للطاقة الشمسية الذي تم الانتهاء منه في عام 2019 بتمويل مقدم من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، ومؤسسة التمويل الدولية (IFC)، والمؤسسات المالية الدولية الأخرى، حيث تتكون المزرعة من 32 محطة فردية، تنتج كل منها 20-50 ميجاوات، وتولد ما يقرب من 1.5 جيجاوات من الطاقة، وهي حاليًّا رابع أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم، وفي طريقها لتصبح الأكبر، كما خصصت الحكومة مؤخرًا نحو 7845 كيلومترًا مربعًا في منطقة خليج السويس، وضفاف النيل لهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة لتنفيذ مشروعات إضافية لطاقة الرياح، حيث اُفتتح مشروع مزرعة رياح رأس غارب بالقرب من خليج السويس بقدرة 262.5 ميجاوات في ديسمبر 2019.

ثانيا – لتمويل الأخضر للنقل المستدام، الذى يُعد قطاع النقل المستدام أحد القطاعات التي يركز عليها التمويل الأخضر في مصر؛ حيث تُخطط الحكومة لتحويل جميع وسائل النقل العام في مصر إلى وسائل نقل صديقة للبيئة بحلول عام 2030.

وتم تمويل عدد من مشروعات النقل المستدام في مصر من خلال التمويل الأخضر، مثل: تعاون وزارة المالية وبنك ناصر في تنفيذ مشروع إحلال التاكسي في القاهرة الكبرى، وكذلك المشروع القومي لتحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي، إلى جانب التوسع في مشروعات النقل الجماعي النظيف كمشروع القطار الكهربائي السريع، فيما يعد المونوريل أضخم مشروع لوسائل النقل النظيفة داخل مصر، والخطوط الجديدة لمترو الأنفاق وتحديث منظومة السكك الحديدية، وتشجيع صناعة السيارات الكهربائية.

وثالثا- لتمويل الأخضر للبنية التحتية الخضراء، حيث يُعد قطاع البنية التحتية الخضراء أحد القطاعات الرئيسة التي تحظى باهتمام متزايد في التمويل الأخضر في مصر.

وفي هذا الإطار، تم تمويل عدد من مشروعات البنية التحتية الخضراء في مصر من خلال التمويل الأخضر، كمشروعات تحلية مياه الشرب؛ حيث وضعت الدولة خطة تبدأ من عام 2020، حتى عام 2050، لإنشاء محطات تحلية لتوفير مياه الشرب. وقبل عام 2020، أُنشئت محطات توفر مليون متر مكعب يوميًّا، وفي مطلع عام 2023، وصل عدد محطات تحلية المياه إلى 97 محطة.

و يُعد قطاع التصنيع المستدام أحد القطاعات التي تحظى باهتمام متزايد في التمويل الأخضر في مصر؛ وقد كثفت الدولة الاستثمارات في مجالات الصناعات صديقة البيئة، فعلى سبيل المثال، أطلقت الهيئة العامة للتنمية الصناعية، مشروع “تنمية صناعات الاقتصاد الأخضر”، والذي يهدف إلى تحويل المناطق والمجمعات الصناعية إلى مناطق صناعية ذكية، وخلق بيئة عمل جاذبة للمستثمرين المحليين والأجانب وصانعي القرار في الشركات الكبرى، وأيضًا الشركات الصغيرة والمتوسطة.

وأخيرا التمويل الأخضر للزراعة المستدامة، ففي ظل تزايد مخاطر الانبعاثات الحرارية من الأنشطة الزراعية التقليدية، أطلقت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي بالتعاون مع البنك التجاري الدولي برنامج التنمية الزراعية، الهادف إلى تقديم قروض ميسرة في صورة ائتمان دوار لخدمة القطاعات الزراعية كافة، بالإضافة إلى المكونات الفنية للبرنامج، كما موَّلَ البرنامج الأبحاث التطبيقية الزراعية، والحملات الإرشادية باعتبار البحوث الزراعية مكونًا مهمًّا ببرنامج التنمية الزراعية.

وأشار التقرير في ختامه إلى اعتبار التمويل الأخضر أحد الأدوات المهمة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في مصر، ويتوقع أن ينمو حجم التمويل الأخضر في مصر في السنوات القادمة، وذلك في ظل الجهود التي تبذلها الحكومة المصرية لتعزيز التمويل الأخضر، بما في ذلك طرح أدوات مالية جديدة، فعلى سبيل المثال تستعد مصر للترويج لإطلاق أول سوق طوعية للاستثمار في “شهادات الكربون”، والتي تساعد الشركات على استعادة جزء من إنفاقها الاستثماري الموجه إلى خفض الانبعاثات الكربونية الناتجة عن ممارسة أنشطتها، وإعادة استثمار هذه الموارد في تحقيق الحياد الكربوني الذي تسعى إلى تحقيقه دول العالم كلها.

ونوه التقرير إلى أنه من المهم العمل على تعزيز التمويل الأخضر من خلال التوعية بأهميته، وتبسيط إجراءات الحصول عليه، وتوفير الحوافز المالية والضريبية له، بالإضافة إلى تعزيز الخبرة في هذا المجال: من خلال تدريب الكوادر البشرية، وعقد المؤتمرات والندوات المتخصصة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى