جمعة: رمضان شهر الدعاء وطيب المطعم وصدق اللجوء لله
أكد وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، أن القرآن الكريم كتاب الجمال والكمال، ومن جوانب الجمال والكمال في القرآن الكريم أنه تحدث عن أهمية الدعاء، وبخاصة في شهر رمضان المعظم، وشهر إجابة الدعاء.
وأوضح أن من عوامل إجابة الدعاء، التبرك ببدء الدعاء بالصلاة والسلام على سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وختام الدعاء بمثل ذلك فإن الله (عز وجل) أكرم من أن يقبل الصلاتين على الحبيب( صلى الله عليه وسلم ) ويردّ ما بينهما ، إضافة إلى طيب المطعم ، وصدق اللجوء إلى الله تعالى.
وتحدث وزير الأوقاف، اليوم، في إطار غرس القيم الإيمانية الصحيحة وإظهار الصورة المشرقة للفكر الإسلامي الصحيح، وفي ضوء العناية بكتاب الله (عز وجل) وبيان مقاصده وأسراره، قائلا: خلال حلقات برنامج: ” في رحاب القرآن الكريم ” بعنوان: “كتاب الجمال والكمال”، أن الحديث عن الدعاء في القرآن الكريم جاء في أثناء الحديث عن آيات الصيام، يقول سبحانه وتعالى: “وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ” ، ويقول جل وعلا : ”وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ”.
وأضاف ” أن رب العزة سبحانه يدعوك لدعائه ، قال بعض المفسرين: المقصود بالعبادة الدعاء ، وذلك في قوله تعالى :” إن الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ”، يستكبرون عن عبادتي أي عن دعائي ، وقال نبينا (صلى الله عليه وسلم): الدعاء مخ العبادة.
وأضاف أن الإنسان قد يسأل أحدًا من البشر شيئًا ولا يكون مالكًا للشيء المسئول عنه، فالملك الحقيقي لله تعالى ، فإذا سألت فاسأل الله تعالى ، وإذا استعنت فاستعن بالله تعالى، لذا قالوا : من اعتمد على ماله قل ، ومن اعتمد على علمه ضل ، ومن اعتمد على سلطانه ذل، ومن اعتمد على الناس مل، ومن اعتمد على عقله اختل، ومن اعتمد على الله تعالى فلا قل ولا ضل ولا ذل ولا مل ولا اختل ، يقول سبحانه : “وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ” ، مبينًا روعة ودقة هذا التعبير القرآني من خلال التعبير المماثل في القرآن الكريم ، حيث يقول تعالى : “يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ” ، ويقول سبحانه : “يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا” ، ويقول جل وعلا : “وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ” ، ويقول تعالى: ” وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ “، ويقول تبارك وتعالى: “وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى ” ، ويقول سبحانه : “يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ” ، ويقول تعالى: “يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ” ، ويقول سبحانه : “يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ” ، ويقول الحق سبحانه : “وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ” ، ويقول جل وعلا : ” يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ قُلِ الْأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ “، ويقول سبحانه : “وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا” ، حيث جاء التعبير بالفاء” فَقُلْ” في سورة طه ، وفي كل الأسئلة “قل” ، قال بعض العلماء : لأن السؤال قد وقع في كل المواطن ما عدا موضع طه ، فالسؤال لم يقع بعد ، فإذا سألوك “فقل” ، فالفاء واقعة في جواب شرط مقدر ، أما في آية الدعاء فلم يرد فيها “قل” أو “فقل” ، فكأن الله تعالى يقول لحبيبنا سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) إذا سألك عبادي عني فإني قريب ، فأنا أخبرهم بنفسي عن ذاتي ، “فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ” .
وأشار وزير الأوقاف إلى أن دعاء المسلم مستجاب، مستشهدا بحديث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ دَعْوَتَهُ ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عنهُ من السُّوءِ مثلَها ” ، فقالوا يا رسول الله إذًا نكثر ، فقال (صلى الله عليه وسلم) : “الله أكثر”، أي ما عند الله أعظم ، ويقول (صلى الله عليه وسلم): “إن الله حييٌّ كريمٌ يستحيي إذا رفعَ الرجلُ إليه يديه أن يرُدَّهما صِفْرًا خائبتين “، وليس شرطا أن تكون الإجابة بعين الدعوة ، بل لا شك أن نعم الله في الإجابة واسعة ، إما بإجابة دعوة الداعي ، أو أن يدفع عنه من السوء مثلها ، أو أن يدخرها له يوم القيامة ، وسمع نبينا (صلى الله عليه وسلم) رجلًا يدعو يقول: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الأَحَدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ، وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ”، فَقَالَ (صلى الله عليه وسلم): لَقَدْ سَأَلَ اللَّهَ بِاسْمِهِ الأعظم الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى، وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ” ، وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ” إن لله (عز وجل) ملكًا موكلا بمن يقول: يا أرحم الراحمين ، فمن قالها ثلاثًا قال الملك : إن أرحم الراحمين قد أقبل عليك فاسأل ” .