كيف تعلمي “طفلك” الاعتذار
عادة ما يكون طلب الصفح أمرا صعبا، لا على كبار السن فحسب بل على الأطفال أيضا، وتعليم الطفل كيفية طلب الصفح والتعبير عن ندمه من أصعب المهام التي تقع على عاتق الوالدين، ولا يعود السبب في ذلك إلى أن الصغار يفتقدون التعاطف والإحساس بالآخر، بل لأنهم في الواقع يعتذرون بطرق غير مألوفة وأحيانا غير مفهومة بالنسبة للكبار.
قدمت الكاتبة أنتونيلا غرادينيتي في تقرير نشرته مجلة “ميخور كون سالود” الإسبانية مجموعة من النصائح العملية لمساعدة الأبناء على تعلم ثقافة الاعتذار.
الأطفال متعاطفون بطبعهم ولكن..
كثيرا ما شاهدنا طفلا والدموع تنهمر من عينيه أثناء مشاهدة فيلم كرتون يتضمن أحداثا حزينة، ويرجع ذلك إلى أن الصغار تملؤهم مشاعر الحب والإحساس بالآخرين لكنهم لا يتصرفون مثلنا نحن الكبار، ولا يلتزمون بالقواعد الاجتماعية السارية، ولذلك تتمثل مهمتنا -آباء وأمهات- في تعليم أبنائنا كيفية التصرف الصحيح والمقبول اجتماعيا.
ومن أجل أن يعتذر إلى الآخرين يجب أن يتحمل الطفل مسؤولية أفعاله ويستوعب أولا ما يشعر به الطرف الآخر، ولكن دون الاعتماد على الطريقة السائدة، من قبيل أن نقول له “يجب عليك أن تعتذر إلى صديقك لأنك ضربته”، أو “عليك أن تعتذر لي الآن وألا تتحدث معي بهذه الطريقة مرة أخرى، أنا بانتظارك لتقدم اعتذارك”.
ويعتبر التعامل مع الطفل بهذه الطريقة -التي لا ترتكز على تفكير منطقي- إجبارا له على الاعتذار، وهو أمر لا يساعده على اكتساب هذه الثقافة، إذ إن الاعتذار تحت التهديد والإكراه ليست له أي فوائد ولا يقوم به الطفل إلا مجبرا.
تقديم النموذج للأطفال
تعزيز ثقافة الاعتذار لدى الأطفال يمر حتما عبر تقديم النموذج لهم، لذلك يجب على الكبار في كل مرة يرتكبون فيها خطأ أو يردون الفعل بشكل سلبي أن يعبروا عن أسفهم عن ذلك، ولا يعتبر الاعتذار ضعفا بل مظهرا من مظاهر القوة.
كما يتمثل الاعتذار الجيد في ذاك الذي يبين سبب الشعور بالندم، ليس لأجل الأفعال الخاطئة التي قام بها الطفل فحسب، بل أيضا لتسببه في جرح مشاعر الطرف الآخر، مع اقتراح طريقة لإصلاح الوضع.
وقد يكون ذلك من خلال قول “أنا آسف لأنني ضربتك، أعلم أن هذا الأمر آلمك، ولن أقوم به مجددا، وفي المرة المقبلة عندما أشعر بالغضب سأحاول التحدث إليك عوضا عن تعنيفك”.
5 نقاط أساسية في ثقافة الاعتذار
الهدف الأسمى من تعليم الطفل ثقافة الاعتذار هو جعله يقول الكلمات الصحيحة، والشعور بالمسؤولية تجاه أخطائه، ولذلك يجب أولا فهم دوافع سلوكه الخاطئ بحسب الكاتبة، وتاليا ما عليك مراعاته:
1- ساعد طفلك على تهدئة نفسه
الطفل في أغلب الأحيان يرتكب سلوكا غير مقبول لأنه شعر بالغضب وفقد السيطرة على أعصابه، وهو ما يستوجب طلب الصفح، وعند إجباره على الاعتذار وهو لا يزال في هذه الحالة تكون النتائج عكسية، حيث إنه لن يفهم خطأه، كما قد تتفاقم حالة الغضب، ولن يتعلم شيئا من هذه التجربة.
في المقابل، إذا تحلى الوالدان بالهدوء وتنفسا بعمق وأبعدا الطفل عن المكان الذي وقعت فيه المشكلة فإن بإمكانهما آنذاك إجراء حوار معه، مع ضرورة التحلي بالصبر وعدم إجباره على الاعتذار.
2- حلل الوضع مع طفلك
يجب التحدث مع الطفل وتحليل المشكلة والسماح له بالتحدث بكل حرية، وذلك بعد أن يكون الطفل قد هدأ وعاد إلى حالته الطبيعية، ويمكن الاستماع لرواية الطفل بشأن ما حدث، وفسح المجال له للتعبير عن مشاعره، إذ إن المشاعر يكون لها دور مهم في حالات الخلاف والغضب، وهي الدافع الحقيقي وراء التصرفات الخاطئة.
3- شجعه على التعاطف لتعلم التسامح
بعد أن يفهم الأب أو الأم حقيقة ما حدث والسبب الكامن وراء تصرف الطفل بهذه الطريقة يحين الوقت آنذاك لجعله يضع نفسه مكان الطرف الآخر من أجل فهم شعوره، وتتمثل الفائدة من هذه الفكرة في فهم الطفل حجم خطئه عندما يتخيل نفسه مكان الشخص الذي أخطأ هو في حقه.
4- فكر مع طفلك في الأمر الذي يجب عليه تغييره
اطرح السؤال الآتي على الطفل: إذا أمكن لك العودة بالزمن إلى الوراء ما الذي يمكنك تغييره بشأن ما حدث؟، ويسمح هذا التمرين للطفل بالبحث عن طرق أخرى لحل الخلافات، وحتى إن لم يقدم حلا فوريا للمشكلة القائمة فإنه يعتبر مفيدا لكيفية تحكم الطفل في مشاعره وردود أفعاله في المستقبل.
5- أسأل طفلك: كيف يمكنك جعل الطفل الآخر بحال أفضل؟
يغفل الوالدان غالبا عن أهمية تقديم مثال يحتذى به للطفل الذي يمكنه تعلم الكثير من خلال مشاهدة تصرفات الكبار.
ويمكن فسح المجال للطفل ليختار بنفسه طريقة اعتذاره لأن كلمة “أنا آسف” ليست هي دائما ما يريد قوله، وقد يفضل الأطفال التعبير عن ندمهم من خلال الاحتضان أو دعوة للعب أو تقديم رسمة على ورقة، ولكن يظل الأمر المهم هو تعلم الطفل كيفية تحمل مسؤولية أفعاله.