أدى إغلاق المدارس في ثلاثين بلداً، في خطوة لاحتواء انتشار مرض كوفيد – 19، إلى تعطّل الدراسة لعدد وصل إلى 290.5 مليون طالب حول العالم، ويمثل هذا العدد سابقة لم نشهد لها مثيلاً من قبل.
فسارعت اليونسكو على الفور إلى دعم البلدان وتقديم الحلول الكفيلة بضمان انتفاع الجميع بالتعلّم عن بعد.
وبدورها أكدت المديرة العامة لليونسكو، السيدة أودري أزولاي، قائلة: “إنّنا نعمل مع البلدان لضمان استمرارية وانتظام التعلّم للجميع، وفي مقدّمتهم الأطفال والشباب المحرومون الذين غالباً ما يمثلون الفئة الأكثر تضرراً من إغلاق المدارس.
ومع العلم بأنّ إغلاق المدارس على نحو مؤقت خلال الأزمات كالأزمات الصحية لا يعدّ بالأمر الجديد للأسف، لكن تسارع وتيرة تدهور العملية التعليمية هذه المرة غير مسبوق، وإذا استمر الوضع على هذا الحال، سيدخل الحق في التعليم دائرة الخطر.”
هذا وسوف تدعو اليونسكو وزراء التربية والتعليم إلى اجتماع طارئ في العاشر من الشهر الجاري لتبادل الحلول والاستراتيجيات الممكن اتباعها لضمان انتظام واستمرارية التعلّم للجميع على نحو منصف.
وقد لجأ 22 بلداً موزعاً في 3 قارات مختلفة إلى قرار إغلاق المدارس اعتباراً من أمس الموافق 4 آذار/مارس، ومنها من أعلن هذا القرار في حين باشر عدد آخر بتنفيذه بالفعل.
وكانت الصين منذ أسبوعين فقط البلد الوحيد الذي فرض مثل هذه الإجراءات.
لكن سرعان ما لحقت بالصين بلدان أخرى لإغلاق مدارسها في جميع أنحاء البلاد، وقد وصل عددها إلى 30 بلداً، الأمر الذي طال 290.5 مليون طفل وشاب في المرحلتين قبل الابتدائية وقبل الثانوية.
وقد ارتفع هذا العدد ليشمل 9 بلدان أخرى قررت بدورها إغلاق المدارس في أماكن محددة فقط سعياً للوقاية من انتشار الفيروس، واحتوائه.
أما في حال قررت هذه البلدان أيضاً إغلاق مدارسها كافة، فسيزداد عدد الطلبة المحرومين من التعليم بمقدار 180 مليون طفل وشاب.
وفي هذا السياق، وسعياً منها لاحتواء الوضع الراهن، شرعت اليونسكو في دعم تنفيذ برامج تعلّم واسعة النطاق عن بعد، وأوصت باللجوء إلى التطبيقات والمنابر التعليمية المفتوحة كي يتسنى للمدارس والمعلمين التواصل مع المتعلّمين عن بعد.
وتقدّم المنظمة، فضلاً عن ذلك، سلسلة من أفضل الممارسات لاستخدام أشكال التكنولوجيا الزهيدة التكلفة عبر الأجهزة المحمولة لأغراض التدريس والتعلّم للتخفيف من وطأة هذه الأزمة التعليمية.
سواء أكان مؤقتاً أو لا، فإن قرار إغلاق المدارس ينطوي على إشكاليات عدّة، وتتعدّد الأسباب لذلك.
ويأتي تقليص عدد ساعات التعليم في مقدّمة هذه الأسباب كونه يؤثر على تحصيل الطلبة.
فلا شكّ في أنّ التحصيل الدراسي يتكبد أضراراً جمّة جرّاء إغلاق المدارس، ناهيك عن الخسائر الأخرى التي يصعب قياسها خاصة المتاعب التي تتكبدها الأسر، والانكماش الاقتصادي في ظل الجهد الذي يبذله الأهل لموازنة التزاماتهم في العمل مع التزاماتهم تجاه أطفالهم ورعايتهم.
ويؤدي هذا التعطيل، فضلاً عن ذلك، إلى تفاقم أوجه التفاوت في النظام التعليمي، إذ تبدي العائلات الميسورة في ظل مثل هذه الظروف قدرة أكبر على الحفاظ على مستويات أعلى في التعليم وتوفير موارد أكثر لسد الثغرات التعليميّة وتزويد أطفالها بأنشطة إثرائية تعويضاً لعدم قدرتهم على الذهاب إلى المدرسة.
ومن هذا المنطلق، تعمل اليونسكو على قدم وساق للتصدي لانتشار مرض كوفيد – 19 الذي بات معضلة صحية خطيرة تطال اليوم العالم أجمع.
ولن تتوانى المنظمة لحظة عن مواصلة رصد نطاق أزمة إغلاق المدارس واتساعها الجغرافي وستظل على أهبة الاستعداد لدعم البلدان في سياق التدابير الشاملة التي يتخذونها.