ذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز”البريطانية في عددها الصادر اليوم السبت أن الصين تُكثف سعيها لتعزيز نفوذها في منطقة المحيط الهادئ من خلال التفاوض على صفقات أمنية مع دولتين جزريتين إضافيتين بعد اتفاق أجرته مؤخرًا مع جزر سليمان.
وقال مسئولون من الولايات المتحدة وأوروبا، في تصريحات خاصة للفاينانشيال تايمز نُشرت في عدد اليوم،إن محادثات بكين مع كيريباتي، وهي دولة تقع على جزيرة في المحيط الهادي تبعد 3000 كيلومتر عن هاواي حيث تتمركز القيادة الأمريكية في المحيطين الهندي والهادئ، هي الأكثر تقدمًا. فيما قال مسئول استخباراتي من دولة حليفة للولايات المتحدة – بدون ذكر اسمه:” إنهم يجرون محادثات مع كيريباتي ودولة أخرى على الأقل في جزر المحيط الهادئ بشأن اتفاقية من شأنها أن تغطي الكثير من بنود الاتفاق مع جزر سليمان”.
تعليقًا على ذلك، أبرزت “فاينانشيال تايمز” أن التحذير من أن بكين تحاول زيادة نفوذها في المحيط الهادئ جاء في الوقت الذي يبدأ فيه الرئيس الأمريكي جو بايدن زيارة إلى آسيا تهدف إلى طمأنة الحلفاء بالتزام الولايات المتحدة بالأمن الإقليمي وسط تزايد ضغوط الصين من أجل النفوذ.
وتأتي المفاوضات مع كيريباتي في أعقاب الاتفاق الذي وقعته بكين مع جزر سليمان، والذي يعتقد بعض الخبراء بأنه سيسمح للصين ببناء قاعدة بحرية في الدولة الواقعة شمال شرق أستراليا. ووفقًا لتسريب مسودة الاتفاق، فإنه يمكن أن تسمح الاتفاقية مع جزر سليمان للصين بإرسال الشرطة وحتى القوات العسكرية إلى الجزر، وهو تطور أذهل الولايات المتحدة وحلفائها في المحيطين الهندي والهادئ من أستراليا ونيوزيلندا إلى اليابان.
وقال مسئول أمريكي، تعليقًا على الأمر، إن الصين وضعت أنظارها على كيريباتي لبعض الوقت. وقد أجرت مناقشات متقطعة مع المسئولين هناك ليس فقط لأشهر ولكن لسنوات”، مضيفا أن بكين ظلت تحاول إقامة “مواقع استراتيجية” في دول جزر المحيط الهادئ. بينما أكد مسئول غربي أن هناك مخاوف جدية من أن تكون الاتفاقية مع كيريباتي مماثلة لتلك التي تم الاتفاق عليها مع جزر سليمان.
ردًا على ذلك، نفى مايكل فون، وزير خارجية كيريباتي، أن تكون حكومته بدأت “مناقشات حول اتفاقية أمنية مع أي شريك”. غير أن تيسي إريا لامبورن، زعيمة المعارضة في كيريباتي، قالت إنها ليست على علم بالمحادثات لكن علاقة البلاد المتغيرة بسرعة مع الصين كانت تثير قلق السكان المحليين. وأضافت: “نحن التالي في خطة الصين لتأسيس وجود عسكري في مواقع استراتيجية في منطقتنا”.
أما في أستراليا، فقد أوضحت الصحيفة البريطانية – في ختام تقريرها- أن الاتفاق مع جزر سليمان جعل التوترات الجيوسياسية مع الصين قضية مركزية في الانتخابات التي بدأت صباح اليوم في أستراليا، فيما يُتوقع أن يقود وزير الخارجية الصيني وانج يي وفدا كبيرا إلى الجزر الأسبوع المقبل.
وفي مؤشر آخر على أن بكين تكثف مساعيها في المنطقة، تم الإعلان عن اتفاق بين الصين وجمهورية فانواتو يوم أمس الجمعة لتحديث مطار دولي في لوجانفيل، وهي قاعدة عسكرية أمريكية رئيسية خلال الحرب العالمية الثانية. فيما قال مسئول بوزارة الخارجية الأمريكية إن واشنطن تأخذ المخاوف بشأن الصفقات الأمنية الصينية في منطقة المحيط الهادئ، بما في ذلك مع كيريباتي، “بجدية بالغة”. وقال إن هناك مخاوف من أن الصين تتفاوض أيضا مع تونجا وفانواتو.
وأضاف المسئول- الذي اشترط عدم ذكر اسمه: يبدو أن الصينيين يبذلون جهودًا عالمية جارية لتوسيع الأماكن التي يمكنهم فيها العمل بطرق عسكرية أو شبه عسكرية”. “وهذا يُشكل مصدر قلق لدينا”