أبو الغيط يدعو إلى ضرورة تعزيز التجارة البينية وتسريع مسار التكامل الاقتصادي العربي
دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط ، إلى ضرورة العمل بشكل حثيث على تسريع مسار التكامل الاقتصادي العربي والتكامل الإقليمي وتعزيز التجارة البينية وتعميق أطر التعاون والتنسيق الاقتصادي في المنطقة العربية بما يوفر شبكة أمان مهمة وضرورية في وضع عالمي تتصاعد فيه المخاطر الحالية والمستقبلية.
وقال أبو الغيط ، في كلمته اليوم الخميس أمام الجلسة الافتتاحية للدورة 108 للمجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي على المستوى الوزاري برئاسة ليبيا،” إن جائحة كورونا مازالت تُخيم بظلها الثقيل على الاقتصاد العالمي وحركة التجارة الدولية، وقد عانت المنطقة العربية، كمثيلاتها في العالم، من تبعات الجائحة، وهي تمر اليوم بمرحلة من التعافي الصعب، في ظل مستوى عالٍ من انعدام اليقين بشأن الوضع الصحي العالمي جراء انتشار سلالات متحورة من كورونا”.
وأضاف أنه “برغم أن مأساة كورونا لم تتم فصولها بعد، إلا أن الحاجة تشتد لمراجعة الأداء وتقييم الفترة الماضية لكي نضع أيدينا على نقاط الضعف في مجمل الأداء العربي، خاصة ما يتعلق بقدرة الدول العربية على مواجهة أوضاع ضاغطة، وتسيير العجلة الاقتصادية في وقت الأزمة”، مشيرا على نحوٍ خاص إلى” ما تفرضه علينا هذه الأزمة من ضرورة العمل بشكل حثيث على تسريع مسار التكامل الاقتصادي العربي”.
وتابع أبو الغيط :”ربما كان واحدٌ من أهم دروس جائحة كورونا هو خطورة ما تتعرض له سلاسل التوريد من اضطراب جراء أزمات مفاجئة لها طبيعة عالمية، وما ينطوي عليه ذلك من انعكاس خطير على حركة التجارة، وتوفر الإمدادات من السلع، وبخاصة الأساسية منها”.
ولفت إلى أن جائحة كورونا كشفت عن هشاشة الشبكات العالمية، وعن المخاطر المصاحبة للأزمات الكبرى ، مشيرا إلى التصاعد المتسارع لقضية التغير المناخي، ومظاهرها وتبعاتها المتعددة التي صارت مرصودة وملموسة في كافة أركان العالم تقريباً، بخاصة في ضوء خلاصات التقرير الذي صدر مؤخراً عن اللجنة الحكومية المعنية بالتغير المناخي، والذي يرسم صورة قاتمة لمستقبل هذه القضية المصيرية.
وأكد أن المنطقة العربية تُعد من أكثر مناطق العالم تأثراً بظواهر الاحتباس الحراري والتغير المناخي، وهو ما يجعل هذه القضية هماً حاضراً وليس رفاهية مستقبلية،مضيفا “أنه ليس من الصعب رصد التأثيرات المختلفة للتغير المناخي في عددٍ من الدول العربية، بما في ذلك ما يُعرف بالحوادث المناخية المتطرفة، وتزايد ظواهر الجفاف والتصحر.. فضلاً عن ارتفاع منسوب البحر وتأثير ذلك على المدن الساحلية”.
وشدد “أبو الغيط” على أن قضية ندرة المياه تظل ذات أهمية خاصة في هذا الصدد، مشيرا إلى أن المنطقة العربية تُعاني من الشح المائي أكثر من أي منطقة أخرى في العالم، وهي تُعاني في ذات الوقت من أكبر فجوة غذائية، مؤكدا أن هذا الوضع يمس مستقبل المنطقة الاقتصادي والاجتماعي، ربما أكثر من أي تهديد آخر.
وقال أبو الغيط “إن العلاقة بين الدول العربية وجيرانها التي تشترك معها في مجاري الأنهار، سواء في دجلة أو الفرات في المشرق، أو النيل في إفريقيا، تحتاج إلى صياغة عادلة تضمن الحقوق العربية المشروعة في المياه من خلال اتفاقات قانونية ملزمة”، مؤكدا أن هذه القضية هي قضية عربية، ولا تخص فقط الدول التي تُعاني مشكلات مع جيرانها.
ونبه أبو الغيط إلى أن الاقتصادات العربية مازالت تُعاني صعوبات هيكلية وتواجه تحديات داهمة، مشيرا إلى أن التقرير الاقتصادي العربي الموحد كسف عن أن 40% من سكان المنطقة العربية يعيشون تحت خط الفقر، و15% من الفقراء يُعانون الفقر المُدقع، كما تجاوزت نسبة البطالة 16%، وهي أعلى كثيراً من المتوسط العالمي، وأنه يزيد من حدة تأثير البطالة أن أغلب من يعانون منها هم من الشباب، الأمر الذي يعني أن الاقتصادات العربية تُعاني خللاً واضحاً في استيعاب القادمين الجدد إلى سوق العمل وتحقيق مستويات عالية من التشغيل وأن حاجات السوق ما زالت منفصلة عن مهارات التعليم.
وأشار أبو الغيط في هذا الصدد إلى أزمات اقتصادية وإنسانية غير مسبوقة تُعاني منها عددٌ من البلدان العربية، وفي مقدمتها لبنان التي تُعاني واحدة من أسوأ ثلاث أزمات اقتصادية منذ عام 1850، وأيضاً اليمن التي تعاني الأزمة الإنسانية الأكثر حدة على مستوى العالم، مضيفا “جميعنا يُتابع بحزن بالغ انعكاسات الأزمة الاقتصادية وتبعاتها الإنسانية المريرة على الشعب اللبناني، فضلاً عما يواجه اليمن من أزمة مستمرة جراء استمرار الاعتداءات الحوثية، وبحيث صار 80% من أبنائه في حاجة للمساعدة”.
ووجه أبو الغيط نداء إلى وزراء الاقتصاد والتجارة والمال العرب بعمل كل ما يمكن من أجل المساعدة في تخفيف حدة هذه الأزمات الضاغطة التي أضيف لها أيضاً الوضع المالي الصعب للسلطة الفلسطينية، وكذلك الأزمة الإنسانية المُستمرة والمتصاعدة التي يُعاني منها السوريون.
وقال أبو الغيط إن اجتماعُنا اليوم يناقش عدداً من الموضوعات الهامة التي جرى البحث فيها والإعداد لها، على مدار هذا الأسبوع، من قِبل لجان الخبراء وكبار المسئولين في الدول العربية. ولعل في مُقدمة هذه الموضوعات الملف الاقتصادي والاجتماعي التحضيري للقمة العربية القادمة، هذه القمة التي تعكف حالياً أجهزة جامعة الدول العربية ومؤسساتها المختلفة على الإعداد الجيد لعقدها برئاسة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، لتستلم بذلك رئاسة الدورة من الجمهورية التونسية التي ترأست الدورة الثلاثين للقمة.
وتوجه أبو الغيط،في كلمته، بالتهنئة والشكر لكل الشباب العرب الفائزين بميداليات خلال دورة الألعاب الأولمبية طوكيو 2020، مشيرا إلى أن اجتماع اليوم سيشهد حدثاً سعيداً، حيث سنحتفل، وبكل فخر، بأبنائنا من طلبة الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري الحائزين على ميداليات خلال هذه الدورة، وسيشاركنا هذه الفرحة، المهندس كامل الوزير وزير النقل والدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة.
وأكد أن هذه الإنجازات الرياضية العالمية تعكس وبصدق الأداء الرفيع للأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري تحت إشراف رئيسها الدكتور إسماعيل عبد الغفار، الذي استطاع بفضل حكمته وإصراره قيادة هذا الصرح العربي العلمي الكبير إلى تحقيق قفزة علمية ورياضية نعتز بها جميعاً.