لصوص ولكن.. (الحلقة الثالثة)
قلم / د. شيرين جودة نصر
موعدنا اليوم مع الحلقة الثالثة من مقال لصوص ولكن … والذى عرفنا فيه في الحلقتين السابقتين نوعين من اللصوص وهما لصوص الأحلام ولصوص الطاقة.
واليوم نستكمل حديثنا عن اللص الثالث وهو اللص الذى يقوم بسرقتك منذ ولادتك ، فهو لا يترك لك المجال لتنعم بحياتك دون أن يتسلل اليك ليسرقها منك.
حديثنا اليوم عن اللصوص الأشهر والأخطر على الإطلاق وهم: لصوص الوقت
كثيراً ما نقول ونسمع كلمات تدل على أن العمر قد سُرق منا وأن أيامنا تتسرب من بين أصابعنا وأننا لا ندرى اين ذهب عمرنا الذى مضى ونشعر بالخوف الشديد على ما بقى منه، حتى أن الكاتب الكبير يوسف السباعي كتب رواية صارت فيلماً بعنوان ” العمر لحظة” وغنت الفنانة وردة الجزائرية ” أحضنوا الأيام لتهرب من ايدينا”.
نعم .. بالفعل نحن بحاجة لاحتضان الأيام حتى لا تهرب منا ، ولكن السؤال كيف يتأتى لنا هذا؟
قبل أن نجيب عن هذا التساؤل يجب أولاً أن نعرف من هم لصوص الوقت ومن ثم سنتعرف على كيفية مقاومتهم .
لصوص الوقت هم:
1- المماطلة والتأجيل
هذا اللص هو الأكثر شهرة وتأثيرًا، فمعظم البشر يعشقون التَّأجيل والمماطلة، واختلاق الأعذار لتأجيل عمل اليوم إلى الغد، والغريب أنَّ المرء قد يكون قادرًا على الإتيان بالعمل المكلَّف به وإنهائه، لكنَّه يصرّ وبشكل مثير للدَّهشة على التأجيل وفي الواقع للتَّأجيل عدَّة أسباب أهمها:
الإرغام: فالشَّخص يهرب من العمل المكلَّف به مرغمًا
عدم توافر الحماس: ما يدفع المرء لتأجيل العمل
الخوف من الفشل وسخرية الآخرين
كيف أتخلص من المماطلة والتأجيل:
اذا كان لديك عمل أجلته أكثر من ثلاث مرات فتوقف لحظة وانظر إلى قائمة اعمالك واسأل نفسك سؤال : هل هذا العمل مهم ؟ فاذا كانت الإجابة بنعم فقم بإنجازه على الفور، واذا كانت الإجابة بنعم لكن يمكن تفويض شخص آخر لإنجازه فقم بتفويض هذا الشخص لإنجاز هذا العمل واذا كانت الإجابة بلا أي أن هذا العمل ليس مهماً فقم بحذفه من قائمة أعمالك.
2- الخلط بين أهمية الأمور:
كثير من البشر لا يعرف أولويَّاته، أي ماذا يقدِّم؟ وماذا يؤخِّر؟ وبأيّ الأعمال يبدأ؟ وهذا اللص لا يخفى على صاحب العين البصيرة، فكثير ما نتفاعل مع الأمور التَّافهة ولا نلقي لعظيم الأمور بالاً.
كيف أنظم نفسى:
لكي لا تختلط عليك الأمور يجب عليك تحديد الاولويات فمثلاً قم بكتابة قائمة لكل المهام التي تريد ان تعملها في اليوم ، ابدأ بالمهام المستعجلة والمهمة ، ثم بالأشياء التي من المفروض عملها بعد وقت بسيط.
3- عدم التَّركيز:
عندما تبدأ بعمل شيء ما، ثم تتوقف عنه للقيام بمكالمة أو عمل شيء آخر، فهذا الأمر من شأنه تشتيت الانتباه وتضييع الوقت.
كيف أضبط وقتي
ركز في الشيء الذي تعمل عليه، واذا وجدت ذهنك مشتتاً ركز في النتائج وكيف سوف تستفيد بعد ما تنهي هذا العمل.
4-عدم قدرتكِ على قول لا
الشَّخص الذي يخجل من رفض الزِّيارات والدَّعوات والمحادثات التي ليس لها موعد سابق، يجد نفسه غير قادر على امتلاك زمام الأمور.
ما هو الحل
الحل هو تحديد وقت الاتصال، فإذا كنت بالفعل مشغولاً وتشعر أن الرد على المكالمات الشخصية تضييع للوقت فبإمكانك أن تعتذر من المتصل سواء كان صديقاً أو غيره وتسأله عن أنسب وقت يمكنك معاودة الاتصال به فيه وهذا من شأنه فيه انقاذ للوقت كذلك فأنت تُشعر المتصل بأهمية مكالمته والتى من الأفضل أن تستمع اليه فى وقت لست مشغولاً فيه حتى تعيره اهتمامك بالكامل.
5- المجهود المكرر
اذا كنت منشغلاً بعمل ما ثم تركته لتفعل شيئاً آخر ثم عدت مرة أخرى لتفعل الشيء الأول فهذا الأمر يضاعف من الجهد المبذول لإنهاء العمل لأنك ستجد نفسك تبدأ من جديد.
كيفية تجنب هذا الأمر
عود نفسك ان تعمل كل شيء مرة واحدة ، اذا كان عندك اعمال مهمة اعملها الان وانهيها نهائيا، لكن اذا لم يكن لديك الوقت لعملها الان، فغالباً لن يكون لديك الوقت فيما بعد لكي تنهيها.
6- التخطيط غير الواقعي:
أحياناً نقوم بتخطيط وتنظيم مهامنا التى نقوم بها ولكن للأسف بشكل غير منضبط ، فتجد أننا أحياناً نضع خطة زمنية لبعض المهام بشكل غير واقعى بأن نضع وقتاً طويلاً لمهمة لن تأخذ كل هذا الوقت بينما نضع وقتاً قصيراً لمهام كبيرة من المفترض انها تستهلك وقتاً أطول.
كيف أخطط بشكل واقعى
بالتخطيط الواقعي والمنطقي: اجعل نفسك واقعي في خطتك واسأل نفسك : هل انا فعلا استطيع انهاء هذا العمل في الوقت الذى قمت بتحديده، اذا كان جوابك لا فحدد خطة واقعية اكثر.
7- عدم النِّظام
كثيراً ما نجد أشخاصاً مهملون فى تنظيم أماكنهم وترتيب أوراقهم ووضع أشيائهم فى اماكنها ، وبالرغم من ان هذه الأشياء غير المرتبة قد تبدو بسيطة الا انها تستهلك وقتاً كبيراً عند البحث عنها اذا ما كانت هناك حاجة لها ، كذلك فإن عملية البحث هذه تصيب الإنسان بالتوتر والقلق.
كيف تتغلب على الفوضى :
بترتيبك للأشياء المحيطة بك .. غرفتك المنظمة تعطي انطباعاً للنفس بالشعور بالراحة وبالتالي سهولة الحصول على ما تبحث عنه.
8- الانشغال بما لا يفيد:
يتجلى هذا اللص واضحاً هذه الأيام خاصة فى شهر رمضان المبارك الذى لا يأتي فى العام سوى مرة واحدة ، والذى من المفترض أن ننشغل فيه بالعبادة والتقرب من الله عز وجل ، لكن للأسف نجد الكثير يسرف فى إضاعة أيام هذا الشهر الفضيل فيما لا ينفع ولا يحرص على اغتنام هذه النفحات الربانية .
كيف استفيد بوقتي
بالتقرب من الله عز وجل والانشغال بذكره سبحانه وتعالى مع اداء المهام اليومية المكلفين بها كالحرص على الذهاب للعمل فى موعده وإنجازه على أكمل وجه وعدم التواكل أو التراخي بحجة الصيام بل بالالتزام والحزم وهذا كله من شأنه نيل رضا الله عز وجل.
د/ شيرين جودة نصر
استشاري تنمية ذاتية وعلاقات أسرية