خطيب الجامع الأزهر: الإسلام حث المسلمين على التعاون في السراء والضراء من أجل بناء مجتمع متماسك
مد يد العون ليس مقصورا على الأغنياء فقط وإنما هو أمر موجه لعموم المسلمين
ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر فضيلة الأستاذ الدكتور/ حسن الصغير، المشرف العام على لجان الفتوى بالجامع الأزهر، والأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية للشئون العلمية والبحوث، والتى دار موضوعها حول التعاون على البر والتقوى.
قال دكتور حسن الصغير: لقد حث المولى تبارك وتعالى على البر والتقوى فقال تعالى﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ﴾ كما حث النبي ﷺ على التعاون، وبشر المتعاونين بأن الجزاء عند الله من جنس العمل فقالﷺ: (والله في عون العبد ما دام العبد في عون اخيه).
وأوضح فضيلته، بأن الله خلق الإنسان وجعله اجتماعيًا، ومن الجميل في شريعة الإسلام أنه يسر أمر التعاون، فقدر لكل إنسان من الخير والرزق ما يعين به المحتاج، فلا يقتصر أمر التعاون على المستطيعين القادرين، بل كل ميسرٌ لما خلق له، لذلك نبهنا المولى تبارك وتعالى إلى أنه يجب على كل فرد منا ألا يظن بأنه إنما يتقرب إلى الله عزّ وجلَّ بعبادة مالية كالزكاة والصدقة فقط، وليس الحض مقصور على القادرين الميسورين من الأغنياء، لكنه يشمل الجميع، فالمولى عزّ وجلَّ نبهنا إلى أن التقرب إليه لا يقف عند حد النسك، ولكن كل عاقل منا يعين غيره بما يستطيع، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.
وأشار خطيب الجامع الأزهر، إلى أن النبي ﷺ بشر المتعاونين في دنيا الناس على مساعدة المحتاجين في إقامة الدين وإعمار الدنيا، بأن لهم جزاء عظيم عند الله عزّ وجلَّ، يقول ﷺ: (من كان في حاجه أخيه كان الله في حاجته)، يقول البعض ما الذي معي حتى أعين به الغير وأقدمه؟ أكد النبي ﷺ أن كل فرد منا يمكنه أن يعين غيره بالمادة أو غير ذلك، يقول ﷺ: (تبسمك في وجه أخيك صدقة)، فطلاقة الوجه والتبسم، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإرشاد الرجل في أرض الضلال، وإماطة الأذى عن الطريق، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك، كلها من صنائع المعروف التي بها تستطيع أن تعين أخاك فيما فيه صلاح الدين والدنيا.
وتابع المشرف العام على لجان الفتوى: الكلمة الطيبة صدقة؛ وهي سبيل من سبل التعاون على التقوى، فالإسلام شريعة تبتغي مجتمعا متعاونا في السراء والضراء به تقوم الحضارات وتنصلح الأحوال، ويكون الصلاح في الدنيا، والفلاح وفي الآخرة، ومن باب تيسير الأمور: السبل التي تمكن الإنسان من إغاثة المحتاجين والوقوف على مطالبهم، كل مجالس الذكر والجمع، كون الفرد إلى جوار أصحابه ورفقائه في هذه المجالس. كما شرع بر الوالدين وصلة الرحم والإحسان إلى الجيران وكل الناس. حتى إذا ما وصلتهم وقفت على المحتاجين منهم فأعنتهم بما يحتاجون مما يسر الله عليك. فنحن في أمس الحاجة إلى تلك القيم والفضائل التي بها يكون التعاون معنًا وفضلاً وينصلح بها حال الكون.