وزير الأوقاف يشكر الرئيس السيسي على رعايته الكريمة والسامية للمؤتمر الخامس والثلاثين .. دور المرأة “في بناء الوعي”
افتتح معالي الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري فعاليات المؤتمر الدولي الخامس والثلاثين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية برعاية كريمة من سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية (حفظه الله)، وبرئاسة الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف نائبًا عن معالي الدكتور المهندس مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والذي يُعقد في الفترة من 25 – 26 أغسطس 2024م بالقاهرة، بعنوان : “دور المرأة في بناء الوعي”، بحضور أكثر من مائة عالم من أكثر من ستين دولة.
ووجه الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري الشكر لسيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية (حفظه الله) على رعايته الكريمة والسامية للمؤتمر الدولي الخامس والثلاثين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية.
ورحب وزير الأوقاف بضيوف مصر الكرام من أصحاب المعالي والفضيلة والسعادة السادة الوزراء والعلماء والسفراء، مؤكدًا انطلاق المؤتمر الدولي الخامس والثلاثين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية في رحاب قاهرة المعز وبرعاية كريمة من فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية (حفظه الله)، وبتشريف وحضور كريم من السادة ضيوف مصر جميعًا، ينطلق هذا المؤتمر المهم بوزارة الأوقاف وهو المؤتمر الأول للواعظات وعنوانه: “دور المرأة في بناء الوعي”
ونقل وزير الأوقاف تحيات معالي الدكتور المهندس مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء الموقر الذي شرُف وزير الأوقاف بالإنابة عن سيادته في افتتاح هذا المؤتمر، وفي نقل ترحيبه الحار وخالص دعمه وأمنياته لهذا المؤتمر بالنجاح والتوفيق.
وأشار وزير الأوقاف إلى أنه قبل 135 سنة من الزمان وفي شهر سبتمبر 1889 من الميلاد الموافق سنه 1336 من الهجرة انعقد مؤتمر علمي مشابه لمؤتمرنا هذا ووفد إلى ذلك المؤتمر، وفد مصري من علماء مصر ورجالاتها العظماء وكان منهم العالم الأزهري الجليل الأستاذ الشيخ حمزة عبد الله المفتش الأول للعلوم العربية بوزارة المعارف المصرية، وقدم ذلك العالم الجليل ورقة بحثية ممثلة في كتاب من تأليفه اسمه “باكورة الكلام على حقوق النساء في الإسلام”، وقد حظي هذا الكتاب بترحيب وتقدير دوليٍّ رفيع مما دفع دولة الوزير مصطفى رياض باشا رئيس مجلس الوزراء المصري في ذلك الوقت أن يأمر بطباعة هذا الكتاب ليكون أثرًا علميًّا مصريًّا خالدًا وباقيًا، وليخرج للتاريخ نسخة منيرة نذكرها اليوم ونشيد بها وكأن مؤلفه حي بيننا يشاركنا اليوم في مؤتمرنا هذا “دور المرأة في بناء الوعي” ، مؤكدًا أنه لم يكن إسهامًا مصريًّا فقط، بل كان عملًا نشترك فيه جميعًا كمسلمين لنقدم للعالم رؤيتنا لتكريم المرأة وتعزيزها بما يعبر عن المسلمين جميعًا في أذن العالم، ويتجدد بنا اليوم العهد بهذه المعاني من النسج على منوال ما سبق.
وأضاف وزير الأوقاف أنه في سنة ثماني وتسعمائة وألف من الميلاد قبل قرن وثلث من الزمان كانت تعاني جامعة القاهرة معاناة كبيرة حينئذ لعدم وجود مقر لها، وتعثرت إجراءات تأجير مقر مؤقت؛ فعلمت الأميرة الكريمة فاطمة إسماعيل بهذا فقررت التبرع حينئذ بستة أفدنه لإنشاء مباني الجامعة الأهلية وأوقفت ست مئة وستين فدانًا من أجود الأراضي المزروعة ليدخل إيرادها إلى ميزانية الجامعة وتحملت سائر تكاليف البناء، وتبرعت بجواهرها وحليها النفيس لبناء المقر الجديد للجامعة، وأوكلت الجامعة حينئذ الدكتور محمد علوي باشا في عملية بيع مجوهراتها، فباعها وضخ المبلغ المتحصل منها في ميزانية الجامعة، ولم يقف دعم الأميرة للجامعة عند هذا القدر بل تحملت نفقات وضع حجر أساس الجامعة والذي كان سيحمل الجامعة نفقة باهظة خصوصًا أن الخديوي عباس حلمي الثاني أعلن أنه سيحضر حفل الافتتاح وكتب أمير الشعراء أحمد شوقي حينئذ قصيدة عصماء في هذا الحدث وفي تلك الأميرة، وإلى يوم الناس هذا يبقى أثرها في جامعة القاهرة، حيث نقش على مدخل كلية الآداب هذه من آثار حضرت صاحبة السمو الأميرة فاطمة إسماعيل، ونحن اليوم في مؤتمر دور المرأة في بناء الوعي، نقدم تحية إكبار لروح هذه الأميرة الجليلة التي صنعت الوعي في أجل صوره، حيث أنشأت مباني الجامعة الصانعة للعقول.
وأشار وزير الأوقاف إلى أن المؤتمر يدور حول ستة محاور: المحور الأول: دور المرأة في بناء الوعي الديني، والمحور الثاني: دور المرأة في بناء الوعي الثقافي، والمحور الثالث: دور المرأة في خدمة المجتمع، والمحور الرابع: دور المرأة في بناء الأسرة وتنشئة الطفل، والمحور الخامس: دور المرأة في تعزيز قيم التسامح والتعايش وصنع وبناء السلام، والمحور السادس: التجربة المصرية في تمكين المرأة، وعلى ضوء هذه المحاور السداسية ستدور أبحاث المؤتمر وأطروحاته ومناقشاته، وسوف نوصل معًا المعاني والآفاق الكريمة التي نريد إيصالها للعالم من اعتزازنا بالمرأة وتكريم ديننا الحنيف لها، والإبانة عن دورها الجليل تاريخًا وواقعًا ومستقبلًا في صناعة الوعي وفي خدمة المرأة لديننا ووطننا والإنسانية كلها.
وأكد وزير الأوقاف أن القرآن الكريم ربط وجداننا جميعًا كمسلمين بالسيدات العظيمات، فكم حدثنا عن حواء (عليها السلام)، وعن بنات سيدنا لوط (عليه السلام)، وعن سيدتنا سارة، وكم حدثنا القرآن الكريم عن سيدتنا هاجر، وكم حدثنا عن أم موسى، عن أخت موسى، وعن زوجة موسى، وعن امرأة عمران، وعن امرأة أيوب، وعن مريم ابنة عمران، وعن ملكة سبأ، وعن صاحبة سورة المجادلة، وسيدات البيت النبوي من أمهات المؤمنين؛ وحديث القرآن عنهن في سورة الأحزاب، حتى نصل إلى سورة أخرى كاملة من سور القرآن الكريم سميت باسم امرأة وهي سورة المجادِلة أو سورة المجادَلة، إلى أن يتوج القرآن الكريم ذلك بقوله (جل جلاله): “وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ”، ثم يأتي الهدي النبوي الشريف في قوله (صلى الله عليه وسلم): “اسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا”، وفي قوله: “خَيرُكم خَيرُكم لأهلِه، وأنا خَيرُكم لأهلي”، وفي قوله: “النِّساءُ شقائقُ الرِّجالِ”، وفي قوله (صلى الله عليه وسلم): “فإنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بأَمَانِ اللهِ”، وفي قوله (صلى الله عليه وسلم): ” أُحَرِّجُ عليكم حقَّ الضعيفينِ : اليتيمُ، والمرأةُ”، مع إجلال الشرع لقدر الأم، وهذا نداء السماء في وجداننا شاهد علينا بما ينبغي أن نتخلق به في معاملة المرأة وفي دعم القيام بدورها ورسالتها على أكمل وجه.
وأضاف وزير الأوقاف إذا كان المؤتمر عن المرأة ودورها في بناء الوعي فإن المرأة الفلسطينية في مقدمة نساء العالم صبرًا وتحملًا وصمودًا، وقد حفرت في وعي الأجيال المتعاقبة اسم فلسطين، وإن هذا الاسم لن يمحوه عدوان صارخ ولا قتل ولا حصار ولا تجويع ولا إبادة ولا تنكيل، وقد تحملت المرأة الفلسطينية مرارة فقد الزوج والأب والأهل، ومرارة ثكل الولد، وقامت ولا زالت تقوم ببناء الوعي في الأجيال على الثبات على الأرض وعدم قبول التهجير والنزوح، وتقدم الابن تلو الآخر شهيدًا فداءً للأرض والوطن، فتحية احترام وإجلال لهذه المرأة العظيمة.
وأشار وزير الأوقاف إلى أن هذا المؤتمر يحظى بضيفة شرف هي السيدة الجليلة الكريمة سنتا نوريا عبد الرحمن حرم رئيس إندونيسيا الأسبق الرئيس عبد الرحمن وحيد، ورحب بها ترحيبًا خاصًّا معربًا عن سعادته البالغة وسروره بتشريفها اليوم، ووجه وزير الأوقاف الشكر لها لقبول الدعوة لحضور المؤتمر، حيث قامت بدورها الوطني سيدة أولى، ثم قامت بدورها الإنساني راعية لمبادرات إنسانية وأعمال خيرية ممتدة لمختلف أنحاء إندونيسيا، فهي رمز نسائيٌّ جليلٌ يقدم للعالم صورة مشرفة للمرأة المحبة لوطنها، المؤمنة بالإنسان مهما كان عرقه ودينه، فلها كل التقدير والود والاحترام.
واختتم وزير الأوقاف كلمته بالتأكيد على أن المرأة مفتاح نجاح الحياة، ولبنة بناء الأوطان، ونبع العطاء الذي لا ينضب، ورغم قوة الرجل في الظاهر؛ إلا أنها هي التي تثبت فؤاد الرجل وتقويه؛ ترضيها كلمة طيبة فكيف بعشرة عمر طيبة! هي الأم وإن كانت ابنة أو أختًا أو زوجة، يحتويها الرجل ظاهرًا لكنها تحتوي عقله وهمته باطنًا، وتمسح همومه بما أودع الله فيها من رحمة.
وأكد وزير الأوقاف أن المرأة خلقت لتكرّم، كما أن الأوطان خلقت للوفاء، كما أن الأبوين خلقا للبر، كما أن العقول خلقت لتفكر وتبدع، كما أن الأمجاد خلقت لتكتسب، كما أن الأحزان خلقت لتترك، ولم ترد الأحزان في القرآن الكريم إلا منهيًّا عنها، قال تعالى: “وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ”، فانظروا كيف حمى القرآن الكريم المرأة من الحزن، حيث قال سبحانه في حق أم سيدنا عيسى (عليه السلام): “فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا”، وقال سبحانه في حق أم سيدنا موسى (عليه السلام): “فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ”، وقال سبحانه لأم سيدنا موسى: “وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إنّا رادُّوهُ إلَيْكِ وجاعِلُوهُ مِنَ المُرْسَلِينَ”، وقال سبحانه: “فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ”، ويقول سبحانه في نساء النبي (صلى الله عليه وسلم): “ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ”، وقارن هذا بقوله سبحانه في أهل الجنة: “أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا”، مع قوله سبحانه: “إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا”، مع قوله سبحانه: “أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ”.
ووجه وزير الأوقاف رسالة إلى العلماء الأجلاء : هيا بنا لنجعل هذا المؤتمر بداية جديدة، نعود بها جميعًا لأوطاننا برؤية جديدة وروح جديدة ننطلق بها في أوطننا جميعًا أشعالًا منيرة لشعوب العالم بحسن معاملة المرأة بكامل الوفاء والاحترام والإكرام، حتى تنحسر معدلات الطلاق وتزول كافة صور الانتقاص والأذى والتعدي لفظيًّا ومعنويًّا على المرأة حتى تستقر الأسر وتسكن النفوس وتأتلف القلوب وتؤدى الحقوق وتعمر الأوطان، وأجدد الترحيب الحار بحضراتكم جميعًا في بلدكم الثاني مصر، داعيًا لكم بطيب الإقامة، متمنيا لكم سلامة العود الى أوطانكم.