المؤشر العالمي للفتوى” يدعو لاتخاذ الاحتياطات لمواجهة الأفكار المتطرفة
دعا “المؤشر العالمي للفتوى” (ائة ) التابع لدار الإفتاء المصرية ، والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم ، إلى ضرورة اتخاذ الاحتياطات اللازمة لمواجهة الأفكار المتطرفة التي من المتوقع زيادتها خلال أزمة فيروس “كورونا ” وذلك من خلال اعتماد مواقع “إلكترونية ” تشرف عليها المؤسسات الدينية تنشر من خلالها الفتاوى والمواعظ الدينية من خلال علمائها ، وذلك للحيلولة دون وصول الفكر المتشدد والمتطرف إلى عقول الناس ، لما يمثله من خطورة نشر محتوى ديني متشدد بعيدا عن الرقابة.
كما طالب “المؤشر ” – في تقرير له اليوم / الإثنين / – بالتواصل مع المراكز الإسلامية في الغرب ، وإمدادها بالمحتوى الديني المعتدل ، في ظل غياب التواصل مع المؤسسات الدينية الرسمية المعتدلة ، التي حال فيروس “كورونا ” بينهم وبين التواصل معها ، كما أوصى “المؤشر” بضرورة الالتزام بالقرارات “الإفتائية ” الرسمية، واستغلال شهر رمضان في تكثيف العبادات داخل المنازل ، وزيادة التآزر بين أفراد الأسرة الواحدة. وأكد أن جائحة فيروس “كورونا” المستجد (كوفيد-19) أثرت على اتجاهات الفتاوى الخاصة بالصيام والعبادات خلال شهر رمضان هذا العام، وأوضحت نماذجها تأثر الفتاوى بغير أحوال الأمة؛ حيث قدرت نسبة الفتاوى التي نشرت خلال شهر إبريل الجاري حول فتاوى الصيام والعبادات المرتبطة به ما يقرب من (30%) من إجمالي الفتاوى الصادرة عالميا، وانقسمت إلى فتاوى صادرة حديثا بنسبة (35%)، وفتاوى معاد نشرها بنسبة (65%)، حيث دارت أغلب الفتاوى الجديدة حول كيفية أداء العبادات في شهر رمضان “الكريم ” في ظل انتشار فيروس “كورونا ” المستجد.
ولفت “المؤشر ” – في تقريره – إلى أن الفتاوى الصادرة حديثا دارت حول 4 موضوعات رئيسية، أولها : صيام المصابين ب”كورونا ” وغير المصابين ، وصيام الكوادر الطبية بنسبة (38%)، يليها صلاة التراويح وكيفية أدائها ، وحكم الاقتداء بالإمام عبر التلفاز أو الإنترنت بنسبة (30%)، وجاءت الفتاوى المتعلقة بتعجيل زكاة الفطر وإخراج الصدقات بنسبة (20%)، فيما جاءت الفتاوى المتعلقة بكيفية صلة الأرحام وحكم التجمعات وإقامة الموائد بنسبة (12%) ، موضحا أن نسبة (60%) من تلك الفتاوى صدرت من قبل جهات وشخصيات رسمية، فيما شكلت الفتاوى غير الرسمية نسبة (40%).
وأوضح ” المؤشر ” أن كلا من : مصر والسعودية والأردن والإمارات تعد من أكثر خمس دول إصدارا للفتاوى التي تربط بين عبادات الشهر “الفضيل ” وفيروس “كورونا” المستجد، وذهبت كافة الفتاوى الرسمية إلى وجوب الصيام على الأصحاء ، ورخصة الإفطار لمرضى “كورونا ” والكوادر الطبية في بعض الحالات، كما لفتت الجهات “الإفتائية ” الرسمية إلى ضرورة تعليق صلاة التراويح في المساجد ، وأدائها بالمنازل لحين رفع الوباء ، وأنه على الرغم من موافقة خادم الحرمين الشريفين على إقامة صلاة التراويح في الحرمين الشريفين وتخفيفها إلى خمس تسليمات وإكمال القرآن الكريم في صلاة التهجد؛ فإنه أكد على استمرار تعليق دخول المصلين، كما ناشدت العديد من الجهات الإفتائية الرسمية بتعجيل خروج زكاة الفطر هذا العام لمساعدة الفقراء والمحتاجين ، لا سيما في ظل ما يعانيه الكثير من شرائح المجتمع بسبب إجراءات الحظر والعزل المنزلي، وحثت الجهات ” الإفتائية ” الجميع على صلة الأرحام والتواصل عبر الهاتف ومواقع التواصل منعا للتجمعات.
ولفت إلى أن من أبرز الجهات التي أصدرت تلك الفتاوى : دار الإفتاء المصرية، والأزهر الشريف، ومجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، ودائرة الإفتاء العام الأردنية، وهيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية. وخلص “المؤشر” إلى أن تلك الفتاوى تعكس حرص المؤسسات الدينية الرسمية على إعطاء الأهمية لوقاية المسلمين من الضرر وحفظ النفس، باعتبار أن هذه العبادات جماعية في الوقت الحالي وقد تعرض الناس للإصابة والضرر.
وحلل “مؤشر الإفتاء ” ، الفتاوى والآراء غير الرسمية التي جاءت حول الموضوعات ذاتها ، حيث كشف عن أن نسبة (65%) منها جاءت غير منضبطة، ولا تراعي مقاصد حفظ النفس الإنسانية التي حثت عليها الشريعة الإسلامية، وصدر (75%) منها من قبل الإخوان والسلفيين، و(25%) جاءت من قبل شخصيات غير رسمية كسعد الدين الهلالي ومبروك عطية ومصطفى راشد ممن ذهبوا إلى جواز الفطر خلال رمضان للأصحاء ، للوقاية من فيروس “كورونا” ، بل وذهب مصطفى راشد إلى وجوب الإفطار لإخراج الفدية التي تزيد من مبدأ التكافل ومساعدة الفقراء.
أما عن الإخوان والسلفيين، نوه “المؤشر ” إلى أن أهدافهم تمحورت حول التشكيك في قرارات الدول ن وزعزعة الثقة برجال الدين، فضلا عن استغلال مشاعر المسلمين وقلوبهم المتعلقة بشعائر الشهر الكريم وجذبهم لآرائهم وأفكارهم ومن ثم سهولة إقناعهم بأي آراء أو مخططات ذات أهداف سياسية ، ومن أبرزها “تغريدات ” الداعية السلفي حاتم الحويني “عبر تويتر ” التي شكك خلالها في قرارات الدولة بتعليق صلاة التراويح ، وتشكيكه في عدد من المبادرات الرسمية كمبادرة دار الإفتاء المصرية “الصدقة أولى” .
كما شكك السلفي التونسي خميس الماجري في دور الأئمة في مساعدة الفقراء مستشهدا بمواقف الشيخ “ابن تيمية” في رد العدوان على بلاده، كما ذهب الماجري إلى أن قرار تعليق صلاة التراويح لا موجب له وعناد في الباطل.
ولفت الإخواني محمد الصغير إلى أنه من الأولى فتح بيوت الله أمام المسلمين لأداء الصلوات والدعاء عسى الله أن يرفع عنا هذا البلاء، منتقدا فصل وإقالة المخالفين لقرارات إغلاق المساجد، ووصف ذلك بالجور والظلم.
وذهب “مؤشر الفتوى ” إلى تشريح عقلية الإخوان والسلفيين الجهاديين في أوروبا ، حيث وجد أن نسبة (30%) من الآراء والفتاوى المتعلقة برمضان والصادرة من قبلهم غير منضبطة ، وتركزت أغلبها حول قضية إغلاق المساجد وإلغاء صلوات التراويح، ومن أبرزها انتشار عدد من فتاوى السلفية الجهادية التي تؤكد على ضرورة اتباع سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم المتمثلة في الاندفاع إلى المسجد أثناء المصائب والأحداث الجسيمة لرفع البلاء مؤكدين أن “حفظ الدين مقدnم على حفظ النفس”.
كما سعت جماعة الإخوان الإرهابية إلى استغلال مواقع المساجد الأوروبية عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتضليل الناس وإشعال الفتن والغضب في المجتمع الأوروبي؛ حيث هاجمت قرارات إغلاق المساجد وإلغاء صلوت التراويح خلال شهر رمضان ، والاستمرار في نشر فتواهم بشأن فيروس ” كورونا ” ووصفهم له بأنه وسيلة لتنقية المسلمين وتذكيرهم بدينهم.
ومن أبرز تلك القنوات : قناة “مركز آخن الإسلامي ” ومسجد بلال التابع له بألمانيا، الذي قادهما لسنوات طويلة الإخواني السوري عصام العطار، ويروج (آخن) لكتب سيد قطب ويوسف القرضاوي، التي تحض على التطرف خلال الحث على إعادة فتح المساجد لإقامة صلاة التراويح، مما يؤكد سعيهم الدائم لاستغلال الأحداث المختلفة لنشر أفكارهم المتطرفة بهدف استقطاب المسلمين لهم والاقتناع بأفكارهم وآرائهم.
كما لفت “المؤشر ” إلى استمرار استغلال اليمين المتطرف في أوروبا للأحداث لزيادة ظاهرة “الإسلاموفوبيا ” من خلال نشر أكاذيب وشائعات حول نية المسلمين لفتح المساجد لأداء صلاة التراويح بالمساجد وتحول دور العبادة الإسلامية والمساجد إلى بؤر لانتشار فيروس “كورونا” ، على الرغم من أن جميعها تخضع للقرار البريطاني القاضي بالإغلاق التام ، كما لفتوا إلى رغبة مسلمي ألمانيا في إقامة تظاهرة رمضانية كبرى تحمل اسم “فيستي رمضان” والتي تقام كل عام خلال الليالي الرمضانية في دورتموند وهي أكبر تظاهرة رمضانية من نوعها في أوروبا، تجذب كل عام عشرات الآلاف من الزوار ليؤكدوا على عدم التزام المسلمين بقرارات الدولة ومن ثم تأجيج مشاعر الكراهية ضدهم داخل المجتمعات الغربية.
وحلل “المؤشر العالمي للفتوى ” مجموعة الفتاوى المعاد نشرها حول الصيام والعبادات في رمضان، حيث وجد أن (45%) منها اتسمت بالاعتدال والانضباط وصدرت من الجهات الإفتائية الرسمية ، ودارت حول عدد من الموضوعات الثابتة التي لم تتأثر بأحداث فيروس ” كورونا ” المستجد ، ومن أبرزها مفطرات ومبطلات الصيام، وفتاوى صيام النساء في رمضان والقضاء، وتبييت نية الصيام، والفتاوى المتعلقة بليلة القدر وكيفية إحيائها، فضلا عن الفتاوى الخاصة بزكاة الفطر ومقدارها وكيفية إخراجها.
فيما جاءت (55%) منها غير منضبطة كفتاوى بعض السلفيين بتحريم الزينة وفوانيس رمضان مشيرين إلى أنها بدعةl لا أصل لها في الإسلام، ولا يجب السير وراءها، وتحريم جوائز الدورات الرمضانية والمسابقات .. وغيرها. وأكد “مؤشر الفتوى” في تقريره – على اجتهاد العديد من الجهات الإفتائية الرسمية في البحث عن بدائل لاستمرار نشر التوعية الدينية في ظل إغلاق المساجد ، ورفع إجراءات الحظر والعزل المنزلي، فضلا عن مبادرات دار الإفتاء المصرية كمبادرة “الصدقة أولى” وفتح مواقعها الإلكترونية للتواصل مع استفسارات وفتاوى المواطنين والتواصل الإلكتروني مع المستفتين.