بدء الحوار غير الرسمي لعملية اختيار أمين عام جديد للأمم المتحدة
عرض الأمين العام الحالي للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، خطته لولاية ثانية مدتها خمس سنوات، أمام الدول الأعضاء، قائلاً: إنه يقدم “نهجا متواضعا” للتعامل مع تحديات اليوم المتعددة، بصفته وسيطا صادقا وصانع جسور يركز على الحلول.
ويعد رئيس الوزراء البرتغالي السابق، الذي أدار مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين لأكثر من عقد من الزمن، قبل تعيينه في أرفع منصب في الأمم المتحدة في أكتوبر 2016، هو حاليا المرشح الرسمي الوحيد لهذا المنصب، بعد أن تم ترشيحه من قبل حكومة بلاده البرتغال.
وكان جوتيريش قد وزع بيان رؤيته لفترة ثانية مدتها خمس سنوات في مارس 2021، ولكن الحوار التفاعلي غير الرسمي الذي انعقد اليوم كان فرصته لعرض رؤية شخصية على نحو أكبر، عن سبب ترشيح نفسه لهذا المنصب مرة أخرى.
وتأتى عملية اختيار أمين عام الأمم المتحدة عبر “حوارات غير رسمية” تم إدخالها منذ خمس سنوات أثناء عملية الاختيار الأخيرة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، بهدف السماح للمرشحين بعرض آرائهم وتلقي الأسئلة من مجموعة واسعة من ممثلي المجتمع العالمي، بما في ذلك المجتمع المدني، مما رسخ معيارا جديدا للشفافية.
وفي أعقاب الحوارات غير الرسمية مع الدول الأعضاء، سيبدأ مجلس الأمن عملية الاختيار بحلول يونيو المقبل، رغم أنه من الممكن إجراء مزيد من الحوارات إذا ظهر مرشحون آخرون.
وفقا لميثاق الأمم المتحدة، يقدم مجلس الأمن توصيته إلى الجمعية العامة لشغل هذا المنصب، ومنذ عام 1996، كانت توصية المجلس تتم بالإجماع.
وتعيّن الجمعية العامة الأمين العام رسميا من خلال اعتماد قرار كان يقدمه في الماضي رئيس الجمعية العامة ويتم تبنيه بتوافق الآراء.
وأوضح جوتيريش دافعه الأول للترشح قبل خمس سنوات، قائلا إنه سعى إلى تكريس طاقته “للعمل على معالجة الأسباب الجذرية للحرب والتخلف والعنف” وخلق الظروف التي “يمكن للناس أن ينموا ويزدهروا فيها”، لكونه الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله، و”الشيء الذكي أيضا”.
وقال إن إخفاقات العولمة، وتزايد اللامساواة، وتدمير الإنسان للطبيعة والمناخ، جعلته يدرك أن “العقد الاجتماعي المتجدد” أمر حتمي.
وأضاف: “المزيد والمزيد من الناس محاصرون في فقاعات حواراتهم، يتم إغراؤهم بالمعلومات المضللة والشعبوية والتطرف وكراهية الأجانب والعنصرية، ونحن نعيش في نوع من حقبة ما بعد التنوير التي أدت إلى تغذية نظم عقائدية غير عقلانية، وحتى عدمية، فنشرت الخوف وتنكرت للعلم والحقيقة”.
وأضاف أنه كان لابد من تجنب نوع جديد من الانقسام الجيوستراتيجي، أو الحرب الباردة، بأي ثمن، وأفضل ترياق لفعل ذلك يكمن في “إعادة إحياء الالتزام المشترك بالقيم الأساسية”.
ووجه جوتيريش رسالة للدول الأعضاء، من منصة قاعة الجمعية العامة في نيويورك مفادها إن الأمين العام المقبل بحاجة إلى “زيادة القوة الفريدة للأمم المتحدة إلى الحد الأقصى، ومضاعفة الجهود لزيادة الدبلوماسية من أجل السلام، وبث الطمأنينة، وبناء الثقة، وتحديد مجالات التقارب، والتوسط بحسن نية، والجمع بين الناس باستمرار، ومدافعا عن أولئك الذين لم يُعرض عليهم تقليديا مقعد على طاولة الدبلوماسية الرئيسية في العالم، مؤكدا أن المجتمع المدني والمدن والقطاع الخاص والشباب، “أصوات أساسية يجب سماعها”.
ودعا إلى مواجهة الظلم والمعاناة من أجل مراعاة ديناميكيات القوة في توزيع الموارد والتكنولوجيا.
وكانت جائحة كوفيد-19 بمثابة “تذكير صارخ” بحدود العمل الجماعي، فضلاً عن إمكاناته، “عندما يتعلق الأمر باللقاحات أو بالتضامن مع المجتمعات والبلدان المحرومة أو التي تكافح”.
وبنبرة تفاؤلية، قال المرشح البرتغالي لمنصب أمين عام الأمم المتحدة إن “الأمر متروك لنا الآن للارتقاء إلى مستوى هذه اللحظة المحورية لمستقبلنا، أعتقد بقوة أن هذا الزخم لا يمكن إيقافه”.
وعرض خدماته لفترة أخرى كأمين عام ليكون “في خدمة جميع الدول الأعضاء على قدم المساواة وبدون جدول أعمال” باستثناء ميثاق الأمم المتحدة.
وأضاف “أننا نمرّ بلحظة هشة، ومن الواضح تماما بالنسبة لي أن تحديات اليوم المعقدة لا يمكن أن تلهم إلا نهجا متواضعا – نهج لا يمتلك فيه الأمين العام وحده جميع الإجابات، ولا يسعى إلى فرض آرائه.. يعمل كمنظم، وسيط، وصانع جسور، ووسيط نزيه للمساعدة في إيجاد الحلول التي تفيد جميع المعنيين والتغلب على التحديات والانكماشات”.